ام هم ردوا ايدي الرسل في أفواههم حيث صدوا عليهم منافذ الكلام ، وردوا حججهم من حيث جاءت؟ وكما الرسل ردوا ايدي هؤلاء في أفواههم بما واصلوا في دعواتهم ودعاياتهم ، فسكّتوهم عن حججهم الداحضة إلا ردهم (وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ ...).
فقد تعم الايدي هنا الايادي ، فهي الجارحة أحيانا ، والجانحة اخرى ، وقد حصل كل ذلك في ذلك الحوار المحتدم طول التاريخ الرسالي ، حجة باهضة من هؤلاء الأكارم ، وداحضة من أولاء اللئام.
فهنالك أفواه الرسل التي تفوح منها كل بيّنة رسالية دامغة ، وأيديهم واياديهم الباهضة الناهضة بكل حجة ، وهم يردون بأيديهم وأفواههم ايادي أئيمة في أفواه لئيمة دحضا لحججهم ، وخوضا في لججهم ، وهناك أفواه الناكرين التي تفوح منها كل نكرانة داحضة وأيديهم واياديهم في فيهم استئصالا لبينات الرسالات ، وكما هي في أفواه الرسل صدا عن أقوالهم ، ولا يأتون بشيء مهما أرعدوا وعربدوا ، وضجروا وزمجروا ، إلا فعلتهم عضا على أناملهم وهزء برسلهم ، وإلّا قولتهم (إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) دونما شطر من حجة إلا تنمردا وتمردا.
وهنالك الايدي التي في أفواه المرسل إليهم هزء ترد الى ما كانت إذ لا يقدرون على شيء مما كسبوا ، وقد كانوا إذا بدأ عليهم الرسل بكلام سدوا بأيديهم اسماعهم دفعة ، وأفواههم دفعة ، إظهارا منهم لقلة الرغبة في سماع كلامهم وجواب مقالهم ليدلوهم بفعلتهم على انهم لا يصغون لهم الى مقال ولا يجيبونهم عن سؤال ولا يعتنون بشأنهم على أية حال ، إذ قد أبهموا طريقي السماع والجواب وهما الآذان والأفواه وكما عن قوم نوح (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) (٧١ : ٧). والتي في أفواههم عجبا من