استقرار الظرف هنا دون لغويته ، ف «في أفواههم» إذا ظرف ل «ردوا» لا سواه ولا سواها ، مهما كان للغوه مستقر من معنى (١).
فهل الرسل هم الذين ردوا أيدي أنفسهم في أفواههم أيديا وأياديا ، أن عضوا عليهم الأنامل من الغيظ كيف ينكرون بيناتهم ، ام سكتوا عن بيناتهم بعد ما لم يجدوا لها تصديقا من الناكرين؟
ام هم المرسل إليهم أن ردوا أيديهم الجارحة في أفواههم إذ عضّوا أناملهم تغيظا على رسلهم وحنقا عليهم وحنقا كما يفعل المتوعّد لغيره ، المبالغ في معاندته ومكايدته ، وهذه عادة معروفة مألوفة في المغيظ المحنق عض الأنامل وفرك الأصابع! ، او هزء بهم ـ كما يفعله المجان والسفهاء ـ وضعة منهم وإزراء عليهم؟ أم ردوا حججهم الداحضة في أفواههم إذ لم يقدروا ردا على رسلهم؟ ام سائر المحتملات من الاثنى عشر؟.
ولكنما الحجج باهضة وداحضة لا تسمى أيديا بل هي أيادي تؤيد حقا او باطلا ، فالمحتملات إذا ستة! وهي الأول على كون الأيدي هي الجوارح.
فقد رد المرسل أيدي أنفسهم إلى أفواههم تحسرا عليهم وتغيظا ، وكما رد المرسل إليهم هزء منهم وضعة ، وتاشيرا لهم أن اسكتوا مانعين لهم عن الكلام كما يفعل المسكت منا لصاحبه ، الراد لقوله ، وقد (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) إظهارا للتمنع من الاستماع والسماع ، ومن الكلام إلا تكذيبا لهم وكما (قالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ ..).
__________________
(١) فردوا أيديهم الكائنة في أفواههم الى ما كانت بطبيعة الحال ، حيث قضت بيناتهم على عجابهم إذ جعلوا أصابعهم في أيديهم عضا عليها.