الصادق من اصدق الصادقين ، وشكر النعمة من اي منعم هو ردة فعل فطري لكل منعم عليه فضلا عن ارحم الراحمين ، واقله إظهارها في مقال ، وأدلّه هو في حال وفعال ، ان يرى المنعم استعمال نعمته فيما يرضاه ، علما واعترافا انه منه فلتستعمل له واليه ، فما الشكر ـ فقط ـ قالة : شكرا لله ، والحمد لله ، وأنت تستعمل نعمة الله في سخطه ، ام تهدرها فلا الى سخطه ولا رضاه ، فشكرها الأقرب هو المراقبة بها ، دون بطر ولا استعلاء على أحد ، ولا توسل بها الى سوء او ظلم وطغيان ، وانما استعمالها في خير لأنها خير من معطي الخير ، تجنيدا لكل الطاقات والإمكانيات في صرفها إلى خير ، والتصرف فيها إلى خير ، دون تبديل للنعمة نقمة ونعمة : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) (١٤ : ٢٩).
والكفر بنعمة الله يشمل الجهل او التجاهل بدرجاتها ام على البدل ، في قال او حال ام فعال ، فمن شاكر بلسانه كافر بسواه ، ام كافر بلسانه شاكر بسواه ، ومن شاكر بمثلث الشكر فأشكره ، او كافر بمثلث الكفر فأكفره ، ولكلّ درجات بما شكروا ، ام دركات بما كفروا وما ربك بظلام للعبيد.
والعذاب الشديد ليس إلّا على غرار الكفر بالنعمة ، فقد يكون بذهابها ـ فقط ـ ام بتبديلها نقمة ووبالا رغم كونها نعمة ، في الدنيا ام في الآخرة ، ام فيهما وهو أشد وأنكى ، وإن كلّ ذلك إلّا جزاء وفاقا.
وهذه الآية تطمئننا بأن «ما اعطي أحد الشكر فمنع الزيادة» (١) ف أيّما
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٧١ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما اعطى احد اربعة فمنع اربعة ما اعطى .. لان الله يقول (لَئِنْ شَكَرْتُمْ ..) وما اعطي احد الدعاء فمنع ـ