هي الأرواح ـ فقط ـ دون الأجساد.
هنا نقطة التركيز في السياق هي سرّ التكوين في الإنسان ، وسر الهدى والضلالة وعواملهما الاصيلة في كيان الإنسان ، ومن ثم النص في ابتداء الابتداع في خلق الإنسان الأول.
وفي البقرة كانت النقطة الرئيسية هي استخلاف آدم في الأرض عمن سلفه من أنسال منقرضة مقضيّة. وفي الأعراف هي الرحلة الطائلة من الجنة الى الأرض ثم الرجعة إليها ، وإبراز عداء إبليس لهذا النسل.
وهنا في ذلك الافتتاح البارع يقرر الاختلاف بين طبيعتي الانس والجان ، فهنا طين وهناك نار السموم.
فأما كيف ارتقى هذا الطين من طبيعته العنصرية المعروفة الى أعلى الآفاق الحيوية عضوية وروحية؟ فان ذلك من أسرار الخلقة الحكيمة المتعالية ، لا نعرف منها إلّا ما عرّفها القرآن ، ام تعرّف العلم القاطع إليها على ضوء القرآن ، ثم وكل زيادة عليه او نقيصة عنه تحمل عليه بضرب من التمحل ، فهو خارج عن التحمل ، فللبحث العلمي ان يمضي في طريقه بوسائله الميسرة له ، فيصل الى افتراضات خاطئة أو نظريات قاطعة ، ولكنه ليس له تعسيلها فتأصيلها وتفريع القرآن عليها بتوجيهات بعيدة غامرة غامضة.
فالنص هنا ـ وفي سائر القرآن ما يوضحه ويفسره ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) فكيف يوجّه الى مضادّه انه خلق تطورا من سائر الأطوار الحيوانية او الانسانية أماهيه؟!
فالأمر المستيقن على ضوء القرآن باق ليست لتعارضه النظريات حتى الآن وبعد الآن ، اللهم إلّا ان تتبنّاه في سلك الحق ، وتستزيد منه نورا