وهنا «لقد» تأكيد أن اثنان على هذه القفزة الخارقة للعادة ، المنقطعة النظير في خلق الإنسان اللهم إلا المسيح بن مريم (عليه السلام) : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣ : ٥٩).
وإذا كان الإنسان الأول من صلصال من حمإ مسنون ، فنسله المنتسل منه ـ ككل ـ هو من نفس الصلصال دون اختصاص بطينة الناصب (١) وأضرابه ، كما والصلصال دون حمأ ليس أصلا للصالحين ولا سواهم (٢) اللهم إلّا بتأويله الى سائر الطينات الروحية ، عليينية وسجينية ،
__________________
(١) تفسير البرهان ٢ : ٣٢٨ محمد بن يعقوب بسنده المتصل عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان الله خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار ، وقال إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئا من الخير الا عرفه ولا يسمع من المنكر الا أنكره؟ قال : وسمعته يقول : الطينات ثلاث طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة الا ان الأنبياء من صفوتها وهم الأصل ولهم فضلهم والمؤمنون الفرع من طين لازب كذلك لا يفرق الله بينهم وبين شيعتهم وقال : طينة الناصب من حمأ مسنون وامّا المستضعفون فمن تراب لا يتحرك المؤمن عن ايمانه ولا ناصب عن نصبه ولله فيهم المشية.
(٢) فيه عن العياشي عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال امير المؤمنين (عليه السلام) قال الله للملائكة : اني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، قال : وكان ذلك من الله تقدمة منه الى الملائكة احتجاجا منه عليهم وما كان الله ليغير ما بقوم الا بعد الحجة عذرا او نذرا فاغترف الله غرفة بيمينه ـ وكلتا يديه يمين ـ من الماء العذب الفرات فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال : منك اخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين الائمة المهتدين الدعاة الى الجنة واتباعهم الى يوم القيامة ولا ابالي ولا اسئل عما افعل وهم يسألون واشترط في ذلك البداء فيهم ولم يشترط في اصحاب اليمين البدائة فيهم ثم خلط المائين في كفه ـ