حَمَإٍ مَسْنُونٍ) فلم يقل «جسم الإنسان» او «روحه» وانما «الإنسان» وأحرى بروحه ان يعنيه الإنسان فيما يطلق دون قرينة.
وفي استعراض أصله (صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ـ مرات ثلاث في آيات ثلاث تستعرض خلقه منه ، وامر الملائكة بالسجود له ، وتأبّي إبليس سنادا الى ذلك الأصل ـ ان في ذلك عناية خاصة بهذا الأصل ، امتحانا للملائكة وقد نجحوا ، وامتهانا لإبليس كما بجه ، حيث نظر الى نارية نفسه تغافلا عن نورية آدم على طينيته ، ولقد وصف طين آدم والمخلوق منه بصفات عدة ، فهنا (صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) وفي المؤمنون (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ)(١٢) وفي الصافات (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ)(١١) فمطلق الطين المذكور في آيات هو سلالة من طين لازب صلصال من حماء مسنون ، إضباره ذات قواعد اربع على أصل الطين.
واصل الصلصال هو تردد الصوت من الشيء اليابس ، فهو الطين الجاف (مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) (٥٥ : ١٤)(١) والفخار يصنع الفخار من يابس الطين ، سلالة خالصة طيبة ناعمة ، فليس هو المنتن منه ، والحمأ طين اسود ، وقد يقال : منتن ، وتنافيه «سلالة من طين ـ من صلصال كالفخار».
و «مسنون» هو المتغير ، فحتى إذا عني بالحمإ الأسود المنتن ، فقد يعني تغيره ـ فيما يعني ـ طيبه بغياره بعد نتنه ، وهو طين لازب لازق ، فقد خلق الإنسان من سلالة من ذلك الطين ، ام من سلالة من طين حيث أصبح صلصالا من حمأ مسنون ، تغيرا من كل طينية خشنة غير لائقة لفخار الإنسان ، الى سلالة وحصالة بسنّه وغياره التصفوي الصالح
__________________
(١) راجع تفسير الآية في الفرقان ٢٧ : ٢٣.