ويقابله المستأخر كالذين يظنون ألّا بقاء واستطارة للأعمال خيرة وشريرة ، (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) (١٧ : ١٣).
وهكذا مستأخر قد يعبّر عنه بالمستقدم ، (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٣ : ١٨٢).
ثم هناك مستقدم ومستأخر خيرا او شرا حسب مختلف الأعمال ، بقاء بآثارها فمستأخرة باقية ، ام دون بقاء فمستقدمة غير باقية ، فكل سنة حسنة او سيئة مستأخرة ، وهما في غير سنة مستقدمة «فمن سن سنة حسنة كان له مثل اجر من عمل بها الى يوم القيامة ، ولم ينقص أولاء من أجورهم شيء ، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر من عمل بها الى يوم القيامة ولم ينقص أولئك من أوزارهم شيء» (١).
وقد تستقدم الآية هنا في مسرح العلم المحيط الرباني كافة المستقدمين والمستأخرين بكل المعاني المسرودة ، استقداما لصالحات الأعمال او طالحاتها ، ومستأخرين طالحات الأعمال وصالحاتها ، حيث الأعمال كلها تستقدم بما يستنسخها الله ، ويبرزها : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ..) (٣ : ٣٠) ولكنما المؤخرة منها لحياة الجنة مستأخرة في استقدامها ، كما المقدّمة منها لحياة الجنة مستقدمة في استقدامها ، وكل من المستقدمة والمستأخرة ، الصالحة والطالحة ، بين (ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) حيث تعم الباقية بآثارها بعد الموت وغير الباقية ، مهما كانت كلها باقية بذواتها ليوم يقوم الأشهاد.
إذا ف «المستقدمين والمستأخرين» تعمان كافة الحالات والمقالات في
__________________
(١) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) متواترا