تذييلا بما قدم من مظاهر الإحياء لكل الأحياء ، متواترة دائبة ، هي صلة عريقة بين الحياة الدنيا والآخرة ، قياسا تمثيليا بالأولوية القطعية ، حيث الإحياء يوم الآخرة أعدل وأحيى منه يوم الدنيا ، فالدنيا هي من فضل الله متعة امتحان ، والآخرة من عدله وفضله بغية الجزاء العدل الوفاق.
ترى وماذا تعني (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) وطبعا بعد الإماتة جملة وتفصيلا؟ وهو المالك يوم الدنيا كما هو المالك يوم الدين؟.
علّه اشارة الى زوال الملكية العرضية التي جعلنا الله مستخلفين فيها يوم الدنيا ، فانها تزول بالموت وتتم لله راجعة إليه كما له الملك حقيقيا : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤ : ١٦) (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٣ : ١٨٠).
(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ)(٢٤).
علم يحيط بكل مستقدم ومستأخر ، بكل مصاديقهما كونا وكيانا وزمنا ، دون ان نستقدم منها شطرا ونستأخر شطرا آخر ، فانه تضييق لكلام الله.
فلو اختص بمن تقدم في الخلق ومن تأخر ، لكان «المستقدمين عليكم والمستأخرين
عنكم» اسمي المفعول ، دون الفاعل مع الظرفين ، حيث التقدم والتأخر في الولادة ليس من فعل المواليد! وان كان ضمن المعني من اسمي الفاعل تلمحيا من العلم المحيط.
ثم المحور الاول والقدر المتيقن من الخطاب في «منكم» هم الموجودون زمن الخطاب فلا مستقدم فيهم ولا مستأخر ، ثم الحشر عام في تاليتها (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) دون اختصاص بالسابقين واللاحقين ، بل هو جمع بين المكلفين أجمعين ليوم الدين.