ومعايشها ، ومن كل شيء خزائنها :
(وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ)(١٦).
أترى «بروجا» في السماء هي كواكبها كلها؟ وهي القصور المرتفعة ، وليست الكواكب كلها قصورا! إنما هي أبنية عالية في مدن من السماء (١) وقد زينت للناظرين ، الساكنين فيها ، والقريبين منها ، والبعيدين عنها ، حيث ينظرون إليها بعيون مسلحة أمّاهيه ، ام يسافرون إليها في مستقبل مجهول ، وهنالك باب في السماء يعرج فيه الى هذه البروج وسواها من مغيبات السماء ، ولكن شياطين الجن والإنس محرومون عنها كما لمحت «لو» وكذلك صرحت :
(وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ)(١٧) من إنس وجان أن يصّعّدوا إليها ، حيث يرجمون عنها ، فلا هم قادرون على الصعود لها ولا الاستماع الى الملاء الأعلى فيها (٢) وذلك الحفظ منه الحفظ عن التسمّع الى الملإ الأعلى ، الكائنين في بروجها ، فلانهم هم المحفوظ عنهم ، إذا فالجن المؤمنون هم غير محفوظ عنهم ذلك التسمع ، ولا الانس المؤمنون أن يصّعدوا الى الملإ الأعلى ، ولكنهم ايضا منعوا عن ذلك التسمع منذ الوحي المحمدي (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٧٢ : ٨) فان محادثات الملإ الأعلى وحي أو إلهام لا يصلحان غير المؤمنين ، ولا المؤمنين الرسل حيث ختم الوحي فضلا عن غير المرسل!
(إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ)(١٨) فإنهم (يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٣٧ : ٩).
__________________
(١) راجع تفسير سورة البروج ـ الفرقان ٣٠ ـ ٢٥٨ تجد تفصيل هذه البروج.
(٢) راجع نظيرة الآية في سورة الملك والجن والصافات.