.................................................................................................
__________________
استصحاب الضمان بالمثل ، إن لم تجر قاعدة الضرر في الشراء بالزيادة على القيمة السوقيّة ، لمعارضتها بضرر المالك ، أو حرجه. ولو كان الشراء حرجيّا ولم يعارضه ضرر المالك أو حرجه لم يلزم شراؤه ، لكون الحرج رافعا له ، فلا يجري حينئذ استصحاب بقاء المثل في الذمّة حتى يجب شراء المثل بثمن كثير يريده بائع المثل.
فتلخّص ممّا ذكرناه : أنّه في الصورة الثانية لا يجب الشراء بأكثر من ثمن المثل ، من غير فرق في ذلك بين كون دليل الضمان بناء العقلاء أو الإجماع أو مثل آية الاعتداء.
أمّا على الأوّلين فلأنّ الضمان العرفيّ مبنيّ على المتعارف عندهم من اعتبار القيمة السوقيّة ارتفاعا وانحطاطا ، فلو تنزّل السعر السوقيّ ليس للمالك الامتناع عن أخذ المثل. كما أنّه لو ترقّى ليس للضامن الامتناع من إعطاء المثل ، بل يجب عليه شراؤه ولو بأكثر من ثمن المثل.
فإذا كانت كثرة الثمن غير مستندة إلى القيمة السوقيّة بل إلى الأغراض الأخر ـ كالعناد أو الطمع ـ فهي غير مضمونة عرفا على الضامن ، لأنّ الدليل لبّيّ. والمتيقّن منه هو ضمان المثل بقيمته السوقيّة قلّت أو كثرت ، فلا يشمل ما إذا كانت كثرة الثمن لغير الرواج السوقيّ ، فتنفيه قاعدة الضرر أو الحرج.
وحينئذ لا يجري استصحاب بقاء المثل في الذمّة ، لأنّ الدليل الاجتهاديّ ينفي الضمان ، ويجعل المثل الموجود في هذه الصورة كالمثل المتعذّر ، فينتقل إلى القيمة. كما أنّ قاعدة السلطنة القاضية بجواز مطالبة المالك بالمثل ـ وإن كثر ثمنه لا لأجل رواج السوق ـ محكومة بقاعدة الضرر أو الحرج.
وأمّا على الثالث فلأنّ المنساق منه عرفا أيضا هو الضمان العقلائيّ الذي يبنى عليه إطلاق أدلة الضمان. وعلى تقدير الإطلاق تكون قاعدة الضرر حاكمة عليه ، وتخصّه بالضمان المتعارف أعني به القيمة السوقيّة.
وبالجملة : فدليل الضمان لفظيا كان أم لبّيّا لا يقتضي وجوب شراء المثل بثمن لا يقتضيه رواج السوق ، بأن نشأ عن داع نفسانيّ كالطمع والعناد.