وقد لوّح هذا المورد (١) في آخر كلامه إلى دفع إيراده بما (٢) ذكرنا من : أنّ كون الحنطة مثليّة معناه أنّ كلّ صنف منها متماثل الأجزاء (٣) ومتساو في القيمة ، لا بمعنى أنّ (٤) جميع أبعاض هذا النوع متساوية في القيمة. فإذا كان المضمون
______________________________________________________
(١) وهو المحقّق الأردبيلي قدسسره ، فإنّه جعل مناط المثليّة النوع أو الصنف ، ودفع به الإيراد المتقدّم في كلامه.
ولا يخفى أنّ تماثل الأفراد في النوع والصنف غير مصرّح به في مجمع الفائدة ، لكن يستفاد منه ذلك. قال قدسسره : «والذي يقتضيه القواعد أنّه ـ أي المثليّ ـ لفظ بني عليه أحكام بالإجماع ، وكأنّه بالكتاب أيضا ، مثل ما تقدّم ، والسّنّة أيضا ، وليس له تفسير في الشرع ، بل ما ذكر اصطلاح الفقهاء ، ولهذا وقع فيه الخلاف ، فيمكن أن يحال إلى العرف ، إذ الظاهر أنه ليس بعينه مرادا ، فإنّ المثل هو المتشابه والمساواة في الجملة. وهو موجود بين كلّ شيء .. فكلّ شيء يكون له مثل في العرف ، ويقال له : إنّ هذا له مثل عرفا ، فيؤخذ ذلك .. ويؤيّده أنّه على تقدير ثبوت كون المتلف مثليّا مثل الحنطة لا يؤخذ بها كلّ حنطة ، بل مثل ما تلف عرفا .. إلخ» (١).
ومثّل أيضا بسنّ الجمل والثوب والفرس العتيق ، حيث إنّ المضمون هو المماثل للتالف عرفا. وهذا هو النوع أو الصنف في تعبير المصنّف.
(٢) متعلق ب «دفع» والمراد بالموصول قوله : «إلّا أن يقال : إنّ الدرهم مثليّ بالنسبة إلى نوعه».
(٣) أي : متساوية الأفراد ومتساوية في القيمة.
(٤) يعني : أنّ تماثل الأجزاء وتساويها قيمة ملحوظ بالنسبة إلى أبعاض الصنف الذي هو أخص من النوع ، فالحنطة الحمراء والصفراء نوعان ، ولكلّ منهما أصناف كالحبّات والجريش والطحين ، فإذا كان المضمون حقّة من الجريش الأحمر كان الواجب دفع هذا المقدار من هذا الجريش ، لا دفع نفس الحنطة الحمراء
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ١٠ ، ص ٥٢٥ و ٥٢٦.