فإذا صار كذلك (١) ، فإمّا أن نقول : إنّ المثل المستقرّ في الذّمّة (٢) قيميّ فيكون القيميّة صفة للمثل بمعنى : أنّه لو تلف وجب قيمته. وإمّا أن نقول : إنّ المغصوب انقلب قيميّا بعد أن كان مثليّا.
فإن قلنا بالأوّل (٣) ، فإن جعلنا الاعتبار في القيميّ
______________________________________________________
ثانيهما : انقلاب نفس العين المثليّة التالفة إلى القيمة ، لما سيأتي من قوله : «وإمّا أن نقول : إنّ المغصوب انقلب قيميّا بعد أن كان مثليّا» ومن المعلوم أنّ انقلاب نفس العين التالفة إلى القيمة أجنبيّ عن صيرورة المثل قيميّا ، لأنّ المدار على قيمة العين لا قيمة المثل المتعذّر ، وإن كان تعذّره واسطة ثبوتيّة لتبدّل ضمان العين بالثمن.
وكيف كان فمراد المصنّف من قوله : «وإمّا أن نقول بصيرورته قيميّا» هو تبدّل ضمان المثل بضمان القيمة ، إمّا قيمة المثل ، وإمّا قيمة العين التالفة أو المتلفة.
إلّا أن يوجّه إرجاع الضمير إلى «المثل» بأنّ المثليّ يصير قيميّا ، سواء أكانت القيمة قيمة المثل أم قيمة العين المضمونة ، فيصحّ جعله مقسما لقسمين ، فتدبّر.
(١) يعني : فإذا صار قيميّا عند إعواز المثل ، لا عند دفع القيمة الذي نسبه المصنّف إلى المشهور واختاره كما عرفت.
(٢) كما فهمه المحقّق الثاني (١) من قول العلامة قدسسرهما. وعليه فتكون القيمة بدلا عن المثل الذي هو بدل عن العين ، فتصير القيمة بدل البدل ، في قبال الاحتمال الآخر وهو كون القيمة بدلا عن العين ، نظير بدليّة المثل عنها ، فيكون للعين بدلان : المثل والقيمة ، لكنّهما ليسا بدلين عرضيّين بل طوليين ، وبدلية القيمة مشروطة بتعذّر المثل. أمّا بدليّة المثل فمطلقة.
(٣) المراد بالأوّل هو أوّل الاحتمالين المبنيين على انقلاب المثل قيميّا عند الإعواز ، وقد أفاده بقوله : «فإمّا أن نقول : إنّ المثل المستقرّ في الذّمّة قيميّ ..» وليس المراد بالأوّل بقاء المثل في الذّمّة إلى أوان أداء القيمة ، لما عرفت من أنّه لو قلنا
__________________
(١) جامع المقاصد ، ج ٦ ، ص ٢٥٤.