قال : أجل ، استحوذ عليك الشّيطان ، فأنساك ذكر ربّك.
ثمّ تحوّل إلى صورته الّتي كان مع آدم في الجنّة ، فقال لآدم : أين العهد والميثاق؟
فوثب آدم إليه ، وذكر الميثاق ، وبكى وخضع وقبّله ، وجدّد الإقرار بالعهد والميثاق. ثمّ حولّه الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى جوهرة الحجر ، درّة بيضاء صافية تضيء. فحمله آدم ـ عليه السّلام ـ على عاتقه ، إجلالا له وتعظيما. فكان إذا أعيا ، حمله عنه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ حتّى وافى به مكّة. فما زال يأنس به بمكّة ، ويجدّد الإقرار له كلّ يوم وليلة.
ثمّ إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لمّا بنى الكعبة ، وضع الحجر في ذلك المكان. لأنّه ـ تبارك وتعالى ـ حين أخذ الميثاق من ولد آدم ، أخذه في ذلك المكان. وفي ذلك [المكان] (١) ألقم الله الملك الميثاق ، ولذلك وضع في ذلك الرّكن. ونحّى (٢) آدم من مكان البيت إلى الصّفا ، وحوّاء إلى المروة ووضع الحجر في ذلك الرّكن.
فلمّا نظر آدم من الصّفا ، وقد وضع الحجر في الرّكن ، كبّر الله وهلّله ومجّده.
فلذلك جرت السّنّة بالتّكبير واستقبال الرّكن الّذي فيه الحجر من الصّفا. فإنّ الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة. لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لمّا أخذ الميثاق له بالرّبوبيّة ، ولمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالنّبوّة ، ولعليّ ـ عليه السّلام ـ بالوصيّة ، اصطكّت (٣) فرائص (٤) الملائكة. فأوّل من أسرع إلى الإقرار ذلك الملك ، ولم يكن فيهم أشدّ حبّا لمحمّد وآل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ منه. فلذلك اختاره الله من بينهم ، وألقمه الميثاق. وهو يجيء يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة ، ليشهد لكلّ من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق.
محمّد بن يحيى (٥) ، عن محمّد بن موسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال له رجل : كيف سمّيت الجمعة؟
قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ جمع فيها خلقه لولاية محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ووصيّه في الميثاق. فسمّاه يوم الجمعة ، لجمعه فيه خلقه.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يجيء.
(٣) أي : ارتعدت.
(٤) جمع فريصة : لحمة بين الجنب والكتف.
(٥) الكافي ٣ / ٤١٥ ، ح ٧.