وفي نهج البلاغة (١) ، من كتاب له ـ عليه السّلام ـ إلى زياد بن أبيه وقد بلغه أنّ معاوية قد كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه : وقد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ (٢) لبّك ويستفلّ غربك (٣) فاحذره ، فإنّما هو الشّيطان يأتي المرء من (٤) بين يديه ومن خلفه وعن (٥) يمينه وعن (٦) شماله ليقتحم غفلته ويستلب غرّته.
(وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (١٧) : مطيعين. وإنّما قاله ظنّا لقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) لمّا رأى فيهم (٧) مبدأ الشّرّ متعدّدا ، ومبدأ الخير واحدا.
وقيل (٨) : سمعه من الملائكة.
(قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً) : مذموما. من ذأمه : إذا ذمّه.
وقرئ (٩) : «مذوما» (١٠) ، كمسول ، في مسؤول. أو كمكول (١١) ، في مكيل. من ذامه يذيمه (١٢) ذيما.
(مَدْحُوراً) : مطرودا.
(لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ) :
«اللّام» فيه لتوطئة القسم. وجوابه (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) (١٨).
وهو سادّ مسدّ جواب الشّرط.
وقرئ (١٣) : «لمن» بكسر اللّام ، على أنّه خبر «لأملأنّ» على معنى : لمن تبعك هذا الوعيد. أو علّة «لأخرج» ، و «لأملأنّ» جواب قسم محذوف. ومعنى «منكم» : منك ومنهم ، فغلّب المخاطب.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ).
__________________
(١) نهج البلاغة / ٤١٥ ـ ٤١٦ ، صدر كتاب ٤٤
(٢) ب ، ر : يتنزّل.
(٣) ب : غيرتك. والغرب : الحدّة والنشاط.
(٤) كذا في المصدر. وفي أ ، ر ، ب : المؤمن من. وفي غيرها : المؤمنين.
(١ و ٦) ـ أ : من.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٤ : لمّا رأوا فيه.
(١ و ٩) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٤٤.
(١٠) المصدر : مذموما.
(١١) المصدر : ككول.
(١٢) المصدر : يمذيمه.
(١٣) نفس المصدر ، والموضع.
(١٤) تفسير القمّي ١ / ٤٢.