وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (١) ، بإسناده إلى محمّد بن الفضيل (٢) : عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول في آخره : وإنّ الأنبياء بعثوا خاصّة وعامّة. أمّا شعيب ، فإنّه أرسل إلى مدين وهي لا تكمل (٣) أربعين بيتا.
(قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) : يريد المعجزة الّتي كانت له ، وليس في القرآن أنّها ما هي. وما روي من محاربة عصا موسى التّنين حين دفع إليه غنمه ، وولادة الغنم الّتي دفعها إليه ، الدّرع خاصّة وكانت الموعودة له من أولادها ، ووقوع عصا آدم على يده في المرّات السّبع ، متأخّر عن هذه المقاولة. ويحتمل أن تكون كرامة لموسى ، أو إرهاصا لنبوّته.
(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ) ، أي : آلة الكيل على الإضمار. أو إطلاق الكيل على المكيال ، كالعيش على المعاش لقوله : (وَالْمِيزانَ). أو الكيل ووزن الميزان.
ويجوز أن يكون «الميزان» مصدرا ، كالميعاد.
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) : ولا تنقصوهم حقوقهم. وإنّما قال : «أشياءهم» ، للتّعميم. تنبيها على أنّهم كانوا يبخسون الجليل والحقير ، والقليل والكثير.
وقيل (٤) : كانوا مكّاسين ، لا يدعون شيئا إلّا مكسوة.
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) : بالكفر والحيف.
(بَعْدَ إِصْلاحِها) : بعد ما أصلح أمرها وأهلها الأنبياء وأتباعهم بالشّرائع وأصلحوا فيها. والإضافة إليها ، كالإضافة في (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ).
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨٥) : إشارة على العمل ، بما أمرهم به ونهاهم عنه.
ومعنى الخيريّة : إمّا الزّيادة مطلقا ، أو في الإنسانيّة وحسن الأحدوثة وجمع المال.
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) : بكلّ طريق من طريق الدّين ، كالشّيطان.
وصراط الحقّ وإن كان واحدا ، لكنّه يتشعّب إلى معارف وحدود وأحكام
__________________
(١) كمال الدين ٢١٩ و ٢٢٠ ، ح ١.
(٢) أ : محمد بن الفضل.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : هؤلاء يكمل.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٥٨.