قلت : هذا تنزيل؟
قال : نعم. أمّا هذا الحرف فتنزيل ، وأما غيره فتأويل. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب الاحتجاج (١) للطبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : وغاب صاحب هذا الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتّى يكون أقرب النّاس إليه أشدّهم عداوة له. وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم تروها ، ويظهر دين نبيه ـ صلّى الله عليه وآله ـ [على يديه] (٢) (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن أبي المقدام ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : يكون أن لا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وفي مجمع البيان (٤) : قال المقداد بن الأسود : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر ، إلّا أدخله الله كلمة الإسلام.
إمّا بعزّ عزيز ، أو بذلّ ذليل. إمّا يعز بهم فيجعلهم الله من أهله ، فيعزّوا به ، وإمّا يذلّهم ، فيدينون له.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) : ليأخذونها بالرشى في الأموال. سمّى أخذ المال أكلا ، لأنه الغرض الأعظم منه.
(وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : دينه.
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) : يجوز أن يراد به الكثير من الأحبار والرّهبان ، فيكون مبالغة في وصفهم بالحرص على المال والضّنّ به. وأن يراد المسلمون الّذين يجمعون المال ويقتنونه ، ولا يؤدون حقّه. ويكون اقترانه بالمرتشين من أهل الكتاب ، للتغليظ قيد الكنز بعدم الإنفاق ، لئلّا يعمّ من جمع للإنفاق وبعد إخراج الحقوق.
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٣٨٢.
(٢) من المصدر.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ٨٧.
(٤) المجمع ٣ / ٢٥.