فأمّا القبلة والالتماس ، فلعلّة العهد ، تجديدا لذلك العهد والميثاق ، وتجديدا للبيعة ، ليؤدّوا إليه العهد الّذي أخذ الله عليهم في الميثاق ، فيأتوه في كلّ سنة ويؤدّوا إليه ذلك العهد والأمانة اللّذين أخذ الله عليهم. ألا ترى أنّك تقول : أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته ، لتشهد لي بالموافاة. والله ، ما يؤدّي ذلك أحد غير شيعتنا. ولا حفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا. وإنّهم ليأتوه ، فيعرفهم [ويصدّقهم] (١). ويأتيه غيرهم ، فينكرهم ويكذّبهم. وذلك أنّه لم يحفظ ذلك غيركم. فلكم ـ والله ـ يشهد ، وعليهم ـ والله ـ يشهد بالخفر (٢) والجحود والكفر.
وهو الحجّة البالغة من الله عليهم يوم القيامة. يجيء وله لسان ناطق وعينان في صورته الأولى ، يعرفه الخلق ولا ينكره. يشهد لمن وافاه ، وجدّد العهد والميثاق عنده ، بحفظ العهد والميثاق وأداء الأمانة. ويشهد على كلّ من أنكر وجحد ونسى الميثاق ، بالكفر والإنكار.
فأمّا علّة ما أخرجه الله من الجنّة ، فهل تدري ما كان الحجر؟
قلت : لا.
قال : كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله. فلمّا أخذ الله من الملائكة الميثاق ، كان أوّل من آمن به ، وأقرّ ذلك الملك. فاتّخذه الله أمينا على جميع خلقه. فألقمه الميثاق وأودعه عنده ، واستعبد (٣) الخلق أن يجدّدوا عنده في كلّ سنة الإقرار بالميثاق والعهد الّذي خذ الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم. ثمّ جعله الله مع آدم في الجنّة يذكّره الميثاق ، ويجدّد عنده الإقرار في كلّ سنة.
فلمّا عصى آدم وأخرج من الجنّة ، أنساه الله العهد والميثاق الّذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ولوصيّه ـ عليه السّلام ـ ، وجعله تائها حيرانا.
فلمّا تاب الله على آدم ، حوّل ذلك الملك في صورة درّة بيضاء. فرماه من الجنّة إلى آدم ، وهو بأرض الهند. فلمّا نظر إليه ، أنس إليه. وهو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهرة.
وأنطقه الله ـ عزّ وجلّ ـ فقال له : يا آدم ، أتعرفني؟
قال : لا.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) الخفر : نقض العهد ، والغدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : استقيد.