بها (١) وتطيقها. (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ) : فلمّا ظهرت للجبل آية من آيات ربّه ، (جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) لعظم ما رأى. (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ) ممّا اقترحت.
(وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بعظمتك وجلالك.
وعن أمير المؤمنين (٢) ـ عليه السّلام ـ : لم تره العيون بمشاهدة الأبصار (٣) ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان. لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواسّ ، ولا يشبه بالنّاس.
موصوف بالآيات ، معروف بالعلامات.
وقال (٤) ـ عليه السّلام ـ : لم أعبد (٥) ربّا لم أره.
وفي كتاب التّوحيد (٦) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن الله ـ عزّ وجلّ ـ : هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟
قال : نعم ، وقد رأوه قبل يوم القيامة.
فقيل : متى؟
قال : حين قال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا : بَلى).
ثمّ سكت ساعة. ثمّ قال : وإنّ المؤمنين ليرونه في الدّنيا قبل يوم القيامة. ألست تراه في وقتك هذا؟
قيل : فأحدّث بهذا عنك؟
فقال : لا. فإنّك إذا حدّثت به ، فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ثمّ قدّر أنّ ذلك تشبيه ، كفر. وليست الرّؤية بالقلب كالرّؤية بالعين. تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون والملحدون.
أقول : ومن هذا ظهر معنى قوله ـ عليه السّلام ـ في الحديث المنقول عنه ـ عليه السّلام ـ من كتاب التّوحيد : لن تراني في الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة ، أي : ما تراني بنهاية عظمتي في الدّنيا ، ممّا يمكنك أن تراني به في الآخرة.
(قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ) : اخترتك.
__________________
(١) المصدر : لها.
(٢) التوحيد / ١٠٨ ، ح ٥. والظاهر أنّ المؤلّف نقل هذا الحديث وما بعده من تفسير الصافي ٢ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.
(٣) المصدر : العيان.
(٤) التوحيد / ١٠٩.
(٥) المصدر : ما كنت أعبد.
(٦) التوحيد / ١١٧ ، ح ٢٠.