وقولهم : (وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) إذ دعونا إلى سبيلهم. ذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ فيهم حين جمعهم إلى النّار : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ). وقوله : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) بريء بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضا ، يريد بعضهم أن يحجّ بعضا رجاء (١) الفلج فيفلتوا (٢) من عظيم ما نزل بهم. وليس بأوان بلوى ولا اختبار (٣) ولا قبول معذرة.
ولات حين نجاة.
(قالَتْ أُخْراهُمْ) : دخولا ومنزلة.
(لِأُولاهُمْ) ، أي : لأجل أولاهم. إذ الخطاب مع الله ، لا معهم. وهم القادة والرّؤساء.
وفي مجمع البيان (٤) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يعني : أئمّة الجور.
(رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) : سنّوا لنا الضّلال ، فاقتدينا بهم.
(فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) : مضاعفا ، لأنّهم ضلّوا وأضلّوا.
(قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ) : أمّا القادة ، فبكفرهم وتضليلهم. أمّا الأتباع ، فبكفرهم وتقليدهم.
(وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (٣٨) : ما لكم ، أو لكلّ فريق.
وقرأ (٥) عاصم برواية أبي بكر ، بالياء ، على الانفصال.
(وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) : عطفوا كلامهم على جواب الله لأخراهم ورتّبوه عليه ، أي : فقد ثبت أن لا فضل علينا ، إنّا وإيّاكم متساوون في الضّلال واستحقاق العذاب.
(فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (٣٩) : من قول القادة. أو من قول الله للفريقين. أو من قول الفريقين.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : قال : شماتة بهم.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : وجاء.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فيغلبوا.
(٣) كذا في ب والمصدر. وفي سائر النسخ : ولا اختيار.
(٤) المجمع ٢ / ٤١٧.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٨.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٢٣٠.