قال : وأيّ شيء أخاف؟ إنّه ليس من أحد إلّا ومعه ملكان موكّلان به ، أن يقع في بئر أو تضربه دابّة أو يتردّى من جبل حتّى يأتيه القدر. فإذا أتى القدر ، خلّوا بينه وبينه.
(يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) قيل (١) : شرط ذكره بحرف الشّكّ ، للتّنبيه على أنّ إتيان الرّسل أمر جائز غير واجب ، كما يظنّه أهل التّعليم.
وفيه ، أنّ الإتيان بحرف الشّكّ إنّما هو بالنّظر إلى كون الرّسل كثيرة ، كما يدلّ عليه الجمع. وكونهم منكم ، كما يدلّ عليه تقييده به. فلا تنبيه فيه على ما ادّعاه.
وضمّت إليها «ما» ، لتأكيد معنى الشّرط. ولذلك أكّد فعلها بالنّون. وجوابه (فَمَنِ اتَّقى) : التّكذيب.
(وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣٥). (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣٦).
والمعنى : فمن اتّقى التّكذيب وأصلح عمله منكم ، والّذين كذّبوا بآياتنا منكم.
وإدخال «الفاء» في الخبر الأوّل دون الثّاني ، للمبالغة في الوعد والمسامحة في الوعيد.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) : ممّن تقوّل على.
الله ـ تعالى ـ ما لم يقله ، أو كذّب ما قاله.
(أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) : ممّا كتب (٢) لهم من الأرزاق والآجال.
وقيل (٣) : «الكتاب» اللّوح ، أي : ما أثبت لهم فيه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) ، أي : ينالهم ما في كتابنا من عقوبات المعاصي.
(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) ، أي : يتوفّون أرواحهم.
وهو حال من الرّسل.
و «حتّى» غاية نيلهم. وهي الّتي يبتدأ بعدها الكلام.
(قالُوا) : جواب «إذا».
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧.
(٢) ب : كسبت.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٨.
(٤) تفسير القمّي ١ / ٢٣٠.