ثمّ قال أبو ياسر لحيّ (١) أخيه : وما يدريك لعلّ محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد جمع هذا كلّه وأكثر منه.
فقال أبو جعفر ـ صلوات الله عليه ـ : إنّ هذه الآيات أنزلت فيهم «منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات». وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأوّل (٢) به حيّ (٣) وأبو ياسر وأصحابه.
(كِتابٌ) : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو كتاب. أو خبر «المص». والمراد به ، السّورة أو القرآن.
(أُنْزِلَ إِلَيْكَ) : صفة.
(فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) ، أي : شكّ ، فإنّ الشّكّ حرج الصّدر. أو ضيق قلب من تبليغه ، مخافة أن تكذّب فيه أو تقصّر في القيام بحقّه.
وتوجيه النّهي إليه ، للمبالغة ، كقولهم : لا أرينّك ها هنا.
و «الفاء» تحتمل العطف والجواب ، فكأنّه قيل : إذا أنزل إليك لتنذر به ، فلا يحرج صدرك.
وفي مجمع البيان (٤) : وقد روي في الخبر : أنّ الله ـ تعالى ـ لمّا أنزل القرآن إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : إنّي أخشى أن يكذّبني النّاس ويقطعوا (٥) رأسي ، فيتركوه كالجزّة (٦). فأزال الله ـ تعالى ـ الخوف عنه.
(لِتُنْذِرَ بِهِ) : متعلّق «بأنزل إليك» ، أو ب «لا يكن». لأنّه إذا أيقن أنّه من عند الله ، جسر على الإنذار. وكذا إذا لم يخف منهم ، أو علم أنّه موفّق للقيام بتبليغه.
(وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢) : يحتمل النّصب بإضمار فعلها ، أي : لتنذر به وتذكّر ذكرى. فإنّها بمعنى التّذكير.
والجرّ ، عطفا على محلّ «تنذر».
والرّفع ، عطفا على «كتاب» ، أو خبرا لمحذوف.
__________________
(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ليحيى.
(٢) من بداية تفسير سورة الأنعام إلى هنا لا يوجد في نسخة «أ».
(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يحيى.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٣٩٥.
(٥) المصدر : يثلغوا. ثلغ رأسه : شدخه وكسره.
(٦) المصدر : كالخبزة.