جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) إلى آخره.
وإطلاق اسم الجنتين على هذه المنابت مشاكلة للتهكم كقول عمرو بن كلثوم :
قريناكم فعجلنا قراكم |
|
قبيل الصبح مرادة طحونا |
وقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الانشقاق : ٢٤].
وقد وصف الأعشى هذه الحالة بدءا ونهاية بقوله :
وفي ذاك للمؤنسي عبرة |
|
ومأرب عفى عليها العرم |
رخام بنته لهم حمير |
|
إذا جاء موّارة لم يرم |
فأروى الزروع وأعنابها |
|
على سعة ماؤهم إذا قسم |
فعاشوا بذلك في غبطة |
|
فحاربهم جارف منهزم |
فطار القيول وقيلاتها |
|
ببهماء فيها سراب يطم |
فطاروا سراعا وما يقدرو |
|
ن منه لشرب صبيّ فطم |
والخمط : شجر الأراك. ويطلق الخمط على الشيء المرّ. والأثل : شجر عظيم من شجر العضاه يشبه الطرفاء. والسدر : شجر من العضاه أيضا له شوك يشبه شجر العناب.
وكلها تنبت في الفيافي.
والسدر : أكثرها ظلا وأنفعها لأنه يغسل بورقه مع الماء فينظف وفيه رائحة حسنة ولذلك وصف هنا بالقليل لإفادة أن معظم شجرهم لا فائدة منه ، وزيد تقليله قلة بذكر كلمة (شَيْءٍ) المؤذنة في ذاتها بالقلة. يقال : شيء من كذا ، إذا كان قليلا.
وفي القرآن : (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) [يوسف : ٦٧].
والأكل ـ بضم الهمزة وسكون الكاف وبضم الكاف ـ : المأكول. قرأه نافع وابن كثير بضم الهمزة وسكون الكاف. وقرأه باقي العشرة بضم الكاف.
وقرأ الجمهور (أُكُلٍ) بالتنوين مجرورا فإذا كان (خَمْطٍ) مرادا به الشجر المسمّى بالخمط ، فلا يجوز أن يكون (خَمْطٍ) صفة ل (أُكُلٍ) لأن الخمط شجر ، ولا أن يكون بدلا من (أُكُلٍ) كذلك ، ولا عطف بيان كما قدره أبو علي لأن عطف البيان كالبدل المطابق ، فتعين أن يكون (خَمْطٍ) هنا صفة يقال : شيء خامط إذا كان مرّا.
وقرأه أبو عمرو ويعقوب (أُكُلٍ) بالإضافة إلى (خَمْطٍ) ، فالخمط إذن مراد به شجر