وإلانة الحديد : تسخيره لأصابعه حينما يلوي حلق الدروع ويغمز المسامير.
و (أَنِ) تفسيرية لما في (أَلَنَّا لَهُ) من معنى : أشعرناه بتسخير الحديد ليقدم على صنعه فكان في (أَلَنَّا) معنى : وأوحينا إليه : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ).
و (الْحَدِيدَ) تراب معدني إذا صهر بالنار امتزج بعضه ببعض ولأن وأمكن تطريقه وتشكيله فإذا برد تصلب. وقد تقدم عند قوله تعالى : (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) في سورة الإسراء [٥٠].
و (سابِغاتٍ) صفة لموصوف محذوف لظهوره من المقام إذ شاع وصف الدروع بالسابغات والسوابغ حتى استغنوا عند ذكر هذا الوصف عن ذكر الموصوف.
ومعنى (قَدِّرْ) اجعله على تقدير ، والتقدير : جعل الشيء على مقدار مخصوص.
و (السَّرْدِ) صنع درع الحديد ، أي تركيب حلقها ومساميرها التي تشدّ شقق الدرع بعضها ببعض فهي للحديد كالخياطة للثوب ، والدرع توصف بالمسرودة كما توصف بالسابغة. قال أبو ذؤيب الهذلي :
وعليهما مسرودتان قضاهما |
|
داود أو صنع السوابغ تبّع |
ويقال لناسج الدروع : سرّاد وزرّاد بالسين والزاي ، وقال المعري يصف درعا :
وداود قين السابغات أذالها |
|
وتلك أضاة صانها المرء تبع |
فلما سخر الله له ما استصعب على غيره أتبعه بأمره بالشكر بأن يعمل صالحا لأن الشكر يكون بالعمل الذي يرضي المشك والمنعم.
وضمير (اعْمَلُوا) لداود وآله كقوله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) [طه : ١٣٢] أو له وحده على وجه التعظيم.
وقوله : (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) موقع «إن» فيه موقع فاء التسبب كقول بشار :
إن ذاك النجاح في التبكير
وقد تقدم غير مرة.
والبصير : المطلع العليم ، وهو هنا كناية عن الجزاء عن العمل الصالح.
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ