يتعهدون تلك السداد بالإصلاح والترميم كل سنة حتى تبقى تجاه قوة السيول الساقطة فيها.
وكانوا يجعلون للسد منافذ مغلقة يزيلون عنها السّكر إذا أرادوا إرسال الماء إلى الجنات على نوبات يرسل عندها الماء إلى الجهات المتفرقة التي تسقى منه إذ جعلوا جناتهم حول السد مجتمعة. وكان يصب في سد مأرب سبعون واديا.
وجعلوا هذا السد بين جبلين يعرف كلاهما بالبلق فهما البلق الأيمن والبلق الأيسر.
وأعظم الأودية التي كانت تصبّ فيه اسمه «إذنه» فقالوا : إن الأودية كانت تأتي إلى سبأ من الشحر وأودية اليمن.
وهذا السد حائط طوله من الشرق إلى الغرب ثمانمائة ذراع وارتفاعه بضع عشرة ذراعا وعرضه مائة وخمسون ذراعا.
وقد شاهده الحسن الهمداني ووصفه في كتابه المسمى ب «الإكليل» وهو من أهل أوائل القرن الرابع بما سمعت حاصله. ووصفه الرحالة (أرنو) الفرنسي سنة ١٨٨٣ والرحالة (غلازر) الفرنسي.
ولا يعرف وقت انهدام هذا السد ولا أسباب ذلك. والظاهر أن سبب انهدامه اشتغال ملوكهم بحروب داخلية بينهم ألهتهم عن تفقد ترميمه حتى تخرب ، أو يكون قد خربه بعض من حاربهم من أعدائهم ، وأما ما يذكر في القصص من أن السد خربته الجرذان فذلك من الخرافات.
وفي (الْعَرِمِ) قال النابغة الجعدي :
من سبإ الحاضرين مأرب إذ |
|
يبنون من دون سيله العرما |
والتبديل : تعويض شيء بآخر وهو يتعدى إلى المأخوذ بنفسه وإلى المبذول بالباء وهي باء العوض كما تقدم في قوله تعالى : (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) في سورة النساء[٢].
فالمعنى : أعطيناهم أشجار خمط وأثل وسدر عوضا عن جنتيهم ، أي صارت بلادهم شعراء قاحلة ليس فيها إلّا شجر العضاه والبادية ، وفيما بين هذين الحالين أحوال عظيمة انتابتهم فقاسوا العطش وفقدان الثمار حتى اضطروا إلى مفارقة تلك الديار ، فلما كانت هذه النهاية دالة على تلك الأحوال طوي ذكر ما قبلها واقتصر على (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ