رماني بذنب كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن أجل الطويّ رماني (١) |
فلم يقل : بريئين ، للعلم بأن والده مثله.
ويجوز أن تكون (ما) في قوله : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) موصولة معطوفة على (ثَمَرِهِ) ، أي ليأكلوا من ثمر ما أخرجناه ومن ثمر ما عملته أيديهم ، فيكون إدماجا للإرشاد إلى إقامة الجنات بالخدمة والسقي والتعهد ليكون ذلك أوفر لإغلالها. وضمير (عَمِلَتْهُ) على هذا عائد إلى اسم الموصول. ويجوز أن يكون (ما) نافية والضمير عائد إلى ما ذكر من الحب والنخيل والأعناب. والمعنى : أن ذلك لم يخلقوه. وهذا أوفر في الامتنان وأنسب بسياق الآية مساق الاستدلال. وقرأ الجمهور : (وَما عَمِلَتْهُ) بإثبات هاء الضمير عائدا إلى المذكور من الحب والنخيل والأعناب. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف (وَما عَمِلَتْ) بدون هاء ، وكذلك هو مرسوم في المصحف الكوفي وهو جار على حذف المفعول إن كان معلوما. ويجوز أن يكون من حذف المفعول لإرادة العموم. والتقدير : وما عملت أيديهم شيئا من ذلك. وكلا الحذفين شائع.
وفرع عليه استفهام الإنكار لعدم شكرهم بأن اتخذوا للذي أوجد هذا الصنع العجيب أندادا. وجيء بالمضارع مبالغة في إنكار كفرهم بأن الله حقيق بأن يكرروا شكره فكيف يستمرون على الإشراك به.
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦))
اعتراض بين جملة (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) [يس : ٣٣] وجملة (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) [يس : ٣٧] ، أثاره ذكر إحياء الأرض وإخراج الحبّ والشجر منها فإن ذلك أحوالا وإبداعا عجيبا يذكّر بتعظيم مودع تلك الصنائع بحكمته وذلك تضمن الاستدلال بخلق الأزواج على طريقة الإدماج. و (سُبْحانَ) هنا لإنشاء تنزيه الله تعالى عن أحوال المشركين تنزيها عن كل ما لا يليق بإلهيته وأعظمه الإشراك به وهو المقصود هنا. وإجراء الموصول على الذات العلية للإيماء إلى وجه إنشاء التنزيه والتعظيم. وقد مضى الكلام على سبحان في سورة البقرة وغيرها.
و (الْأَزْواجَ) : جمع زوج وهو يطلق على كل من الذكر والأنثى من الحيوان ، ويطلق
__________________
(١) نازعه ناس من قشير في بئر لدى الحاكم فقال القشيري للأزرق : هو لص ابن لص ليغري به الحاكم ، ونسب بعضهم هذا إلى البيت للفرزدق ، ولا يصح.