عطف على جملة (لا يُبْصِرُونَ) [يس : ٩] ، أي إنذارك وعدمه سواء بالنسبة إليهم ، فحرف (على) معناه الاستعلاء المجازي وهو هنا الملابسة ، متعلق ب (سَواءٌ) الدال على معنى (استوى) ، وتقدم نظيرها في أول سورة البقرة.
وهمزة التسوية أصلها الاستفهام ثم استعملت في التسوية على سبيل المجاز المرسل ، وشاع ذلك حتى عدّت التسوية من معاني الهمزة لكثرة استعمالها في ذلك مع كلمة سواء وهي تفيد المصدرية. ولما استعملت الهمزة في معنى التسوية استعملت (أَمْ) في معنى الواو ، وقد جاء على الاستعمال الحقيقي قول بثينة :
سواء علينا يا جميل بن معمر |
|
إذا متّ بأساء الحياة ولينها |
وجملة (لا يُؤْمِنُونَ) مبيّنة استواء الإنذار وعدمه بالنسبة إليهم.
(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١))
لما تضمن قوله : (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [يس : ١٠] أن الإنذار في جانب الذين حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون هو وعدمه سواء وكان ذلك قد يوهم انتفاء الجدوى من الغير وبعض من فضل أهل الإيمان أعقب ببيان جدوى الإنذار بالنسبة لمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب.
و (الذِّكْرَ) القرآن.
والاتّباع : حقيقته الاقتفاء والسّير وراء سائر ، وهو هنا مستعار للإقبال على الشيء والعناية به لأن المتبع شيئا يعتني باقتفائه ، فاتباع الذكر تصديقه والإيمان بما فيه لأن التدبر فيه يفضي إلى العمل به ، كما ورد في قصة إيمان عمر بن الخطاب رضياللهعنه فإنه وجد لوحا فيه سورة طه عند أخته فأخذ يقرأ ويتدبّر فآمن.
وكان المشركون يعرضون عن سماع القرآن ويصدّون الناس عن سماعه ، ويبين ذلك ما في قصة عبد الله بن أبيّ ابن سلول في مبدأ حلول رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة «أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم مرّ بمجلس عبد الله بن أبيّ فنزل فسلم وتلا عليهم القرآن حتى إذا فرغ قال عبد الله بن أبيّ : يا هذا إنه لا أحسن من حديثك إن كان حقا ، فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدّثه ومن لم يأتك فلا تغته به». ولما كان الإقبال على سماع القرآن مفضيا إلى