مظلوما». وقد ألقى النبي صلىاللهعليهوسلم على أصحابه إبطال ذلك فساق لهم هذا المثل حتى سألوا عنه ثم أصلح معناه مع بقاء لفظه فقال : «إذا كان ظالما تنصره على نفسه فتكفه عن ظلمه».
[٣٨ ، ٣٩] (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩))
جملة (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) استئناف واصل بين جملة (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) [فاطر : ٣١] وبين جملة (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) [فاطر : ٤٠] الآية ، فتسلسلت معانيه فعاد إلى فذلكة الغرض السالف المنتقل عنه من قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) إلى قوله : (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) [فاطر : ٢٥ ـ ٣١] ، فكانت جملة : (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كالتذييل لجملة (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ).
وفي هذا إيماء إلى أن الله يجازي كل ذي نية على حسب ما أضمره ليزداد النبيصلىاللهعليهوسلم يقينا بأن الله غير عالم بما يكنه المشركون.
وجملة (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) مستأنفة هي كالنتيجة لجملة (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لأن ما في الصدور من الأمور المغيبة فيلزم من علم الله بغيب السموات والأرض علمه بما في صدور الناس.
و «ذات الصدور» ضمائر الناس ونيّاتهم ، وتقدم عند قوله تعالى : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) في سورة الأنفال [٤٣].
وجيء في الإخبار بعلم الله بالغيب بصيغة اسم الفاعل ، وفي الإخبار بعلمه بذات الصدور بصيغة المبالغة لأن المقصود من إخبار المخاطبين تنبيههم على أنه كناية عن انتفاء أن يفوت علمه تعالى شيء. وذلك كناية عن الجزاء عليه فهي كناية رمزية.
وجملة (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) معترضة بين جملة (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية وبين جملة (فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ).
والخلائف : جمع خليفة ، وهو الذي يخلف غيره في أمر كان لذلك الغير ، كما تقدم