حصول شيء لم يكن حاصلا. وكذلك القول في إتيان الساعة سواء.
ووجه إعادة فعل (أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) مع كون حرف العطف مغنيا عن إعادة العامل بأن يقال : إن أتاكم عذاب الله أو الساعة ، هو ما يوجّه به الإظهار في مقام الإضمار من إرادة الاهتمام بالمظهر بحيث يعاد لفظه الصريح لأنّه أقوى استقرارا في ذهن السامع.
والاهتمام هنا دعا إليه التهويل وإدخال الروع في ضمير السامع بأن يصرّح بإسناد هذا الإتيان لاسم المسند إليه الدّالّ على أمر مهول ليدلّ تعلّق هذا الفعل بالمفعول على تهويله وإراعته.
وقد استشعر الاحتياج إلى توجيه إعادة الفعل هنا الشيخ محمد بن عرفة في درس تفسيره ، ولكنّه وجّهه بأنّه إذا كان العاملان متفاوتين في المعنى لكون أحدهما أشدّ يعاد العامل بعد حرف العطف إشعارا بالتفاوت ، فإنّ إتيان العذاب أشدّ من إتيان الساعة (أي بناء على أنّ المراد بعذاب الله عذاب الآخرة) أو كان العاملان متباعدين ، فإن أريد بالساعة القيامة وبعذاب الله المحق والرزايا في الدنيا فيعقبه بعد مهلة تامّة. وإن أريد بالساعة المدّة فالمحق الدنيوي كثير ، منه متقدّم ومنه متأخّر إلى الموت ، فالتقدّم ظاهر ا ه. وفي توجيهه نظر إذ لا يشهد له الاستعمال.
وإضافة العذاب إلى اسم الجلالة لتهويله لصدوره من أقدر القادرين. والمراد عذاب يحصل في الدنيا يضرعون إلى الله لرفعه عنهم بدليل قوله (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) ، فإنّ الدعاء لا يكون بطلب رفع عذاب الجزاء. وهذا تهديد وإنذار.
والساعة : علم بالغلبة على ساعة انقراض الدنيا ، أي إن أدركتكم الساعة.
وتقديم (أَغَيْرَ اللهِ) على عامله وهو (تَدْعُونَ) لتكون الجملة المستفهم عنها جملة قصر ، أي أتعرضون عن دعاء الله فتدعون غيره دونه كما هو دأبكم الآن ، فالقصر لحكاية حالهم لا لقصد الردّ على الغير. وقد دلّ الكلام على التعجّب ، أي تستمرّون على هذه الحال. والكلام زيادة في الإنذار.
وجملة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) مستأنفة ، وجوابها محذوف دلّ عليه قوله : (أرَأَيْتَكُمْ) الذي هو بمعنى التقرير. فتقدير الجواب : إن كنتم صادقين فأنتم مقرّون بأنّكم لا تدعون غير الله. ذكّرهم في هذه الآية وألجأهم إلى النظر ليعلموا أنّه إذا أراد الله عذابهم لا تستطيع آلهتهم دفعه عنهم ، فهم إن توخّوا الصدق في الخبر عن هذا المستقبل أعادوا