(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) [النساء : ١٥٧].
(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ).
عطفت جملة : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) على جملة : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) لأنّ هذه وعيد بعقاب لأولئك الظّالمين المفترين على الله والقائلين «أوحي إلينا» والقائلين (سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ).
ف (الظَّالِمُونَ) في قوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) يشمل أولئك ويشمل جميع الظّالمين المشركين ، ولذلك فالتّعريف في (الظَّالِمُونَ) تعريف الجنس المفيد للاستغراق. والخطاب في (تَرى) للرّسول صلىاللهعليهوسلم ، أو كلّ من تتأتّى منه الرّؤية فلا يختصّ به مخاطب. ثمّ الرّؤية المفروضة يجوز أن يراد بها رؤية البصر إذا كان الحال المحكي من أحوال يوم القيامة ، وأن تكون علميّة إذا كانت الحالة المحكيّة من أحوال النّزع وقبض أرواحهم عند الموت.
ومفعول (تَرى) محذوف دلّ عليه الظّرف المضاف. والتّقدير : ولو ترى الظّالمين إذ هم في غمرات الموت ، أي وقتهم في غمرات الموت ، ويجوز جعل (إذ) اسما مجرّدا عن الظرفيّة فيكون هو المفعول كما في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً) [الأعراف : ٨٦] فيكون التّقدير ، ولو ترى زمن الظّالمون في غمرات الموت. ويتعيّن على هذا الاعتبار جعل الرّؤية علميّة لأنّ الزّمن لا يرى.
والمقصود من هذا الشّرط تهويل هذا الحال ، ولذلك حذف جواب (لو) كما هو الشّأن في مقام التّهويل. ونظائره كثيرة في القرآن. والتّقدير : لرأيت أمرا عظيما.
والغمرة ـ بفتح الغين ـ ما يغمر ، أي يغمّ من الماء فلا يترك للمغمور مخلصا. وشاعت استعارتها للشدّة تشبيها بالشدّة الحاصلة للغريق حين يغمره الوادي أو السّيل حتّى صارت الغمرة حقيقة عرفيّة في الشدّة الشّديدة.
وجمع الغمرات يجوز أن يكون لتعدّد الغمرات بعدد الظّالمين فتكون صيغة الجمع مستعملة في حقيقتها. ويجوز أن يكون لقصد المبالغة في تهويل ما يصيبهم بأنّه أصناف من الشّدائد هي لتعدّد أشكالها وأحوالها لا يعبّر عنها باسم مفرد. فيجوز أن يكون هذا وعيدا بعذاب يلقونه في الدّنيا في وقت النّزع. ولمّا كان للموت سكرات جعلت غمرة الموت