على المقصود منها.
والآيات : آيات القرآن. والمعنى نفصّل الآيات ونبيّنها تفصيلا مثل هذا التفصيل الذي لا فوقه تفصيل ، وهو تفصيل يحصل به علم المراد منها بيّنا.
وقوله : (وَلِتَسْتَبِينَ) عطف على علّة مقدّرة دلّ عليها قوله : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) لأنّ المشار إليه التفصيل البالغ غاية البيان ، فيعلم من الإشارة إليه أنّ الغرض منه اتّضاح العلم للرسول. فلمّا كان ذلك التفصيل بهذه المثابة علم منه أنّه علّة لشيء يناسبه وهو تبيّن الرسول ذلك التفصيل ، فصحّ أن تعطف عليه علّة أخرى من علم الرسولصلىاللهعليهوسلم ، وهي استبانته سبيل المجرمين. فالتقدير مثلا : وكذلك التفصيل نفصّل الآيات لتعلم بتفصيلها كنهها ، ولتستبين سبيل المجرمين ، ففي الكلام إيجاز الحذف.
وهكذا كلّما كان استعمال (كذلك) نفعل بعد ذكر أفعال عظيمة صالحا الفعل المذكور بعد الإشارة لأن يكون علّة لأمر من شأنه أن يعلّل بمثله صحّ أن تعطف عليه علّة أخرى كما هنا ، وكما في قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الأنعام : ٧٥] بخلاف ما لا يصلح ، ولذلك فإنّه إذا أريد ذكر علّة بعده ذكرت بدون عطف ، نحو قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) [البقرة : ١٤٣].
و (سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) طريقهم وسيرتهم في الظلم والحسد والكبر واحتقار الناس والتصلّب في الكفر.
والمجرمون هم المشركون. وضع الظاهر موضع المضمر للتنصيص على أنّهم المراد ولإجراء وصف الإجرام عليهم. وخصّ المجرمين لأنّهم المقصود من هذه الآيات كلّها لإيضاح خفيّ أحوالهم للنبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين.
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب ـ بتاء مثنّاة فوقية في أول الفعل ـ على أنّها تاء خطاب. والخطاب للنبيصلىاللهعليهوسلم.
وقرأه حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ، وخلف ـ بياء الغائب ـ ، ثم إنّ نافعا ، وأبا جعفر قرءا سبيل ـ بفتح اللام ـ على أنّه مفعول (لِتَسْتَبِينَ) فالسين والتاء للطلب. وقرأه البقية ـ برفع اللام ـ على أنّه فاعل «يستبين» أو «تستبين». فالسين والتاء ليسا للطلب بل للمبالغة مثل استجاب.