أقول : والظاهر ان الأقرب الأول.
«الثالث» : لو خالف وتلقى ، ثم اشترى منهم أو باع عليهم ، انعقد البيع ، وان قلنا بالتحريم. اما لان النهي في المعاملات لا يقتضي البطلان ، وانما ذلك في العبادات على الوجه المقرر فيها ، أو ان النهى وان اقتضى ذلك في المعاملات ، الا انه مخصوص بما إذا تعلق بحقيقة البيع ، ويرجع الى البيع من حيث هو ، لا إلى أمر خارج كالبيع وقت النداء يوم الجمعة. وقد تقدم (١) منا تحقيق نفيس في ذلك.
وظاهر المنتهى : اتفاق العلماء على الصحة. ونقل في ذلك من ابن الجنيد الخلاف في ذلك.
ثم انه مع الحكم بصحة البيع ، فالمشهور انه لا خيار الا مع الغبن الفاحش. ونقل في المختلف عن ابن إدريس انه قال : التلقي محرم ، والبيع صحيح ، ويتخير البائع.
والأقرب هو القول المشهور ، لأن الأصل لزوم البيع ، قام الدليل على الخيار في الغبن الفاحش ، وبقي ما عداه على الأصل.
ولعل ابن إدريس استند هنا الى ما روى من طريق العامة ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انه قال : لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا اتى سيده السوق فهو بالخيار (٢).
وأجاب عنه في المنتهى بان المفهوم من جعل الخيار إذا اتى السوق ، انما هو لأجل معرفة الغبن بالسوق ، ولولا ذلك لكان له الخيار من حين البيع.
(ومنها) الاحتكار وهو افتعال من الحكرة ـ بالضم ـ وهو جمع الطعام وحبسه يتربص به الغلاء.
وقد اختلف الأصحاب أيضا في كراهته وتحريمه ، فنقل في المختلف عن
__________________
(١) وهو في الباب الثالث في بقية الصلوات ، في فضل صلاة الجمعة ، في المسألة الثانية من المطلب الرابع في اللواحق (منه قدسسره) ج ١٠ ص ١٧٢ فما بعد.
(٢) صحيح مسلم ج ٥ ص ٥.