المقام الثالث
قد عرفت ان أحد أركان البيع العوضان. والكلام في ذلك وتحقيق البحث فيه يقتضي بسطه في مسائل : ـ
الأولى : المشهور بين الأصحاب انه يشترط في العوضين : ان يكونا عينا ، فلا يصح بيع المنفعة ، خلافا للشيخ في المبسوط ، حيث جوز بيع خدمة العبد على ما نقل عنه ، وهو شاذ لا اعلم عليه دليلا.
وان يكونا ذوي نفع محلل مقصود لأرباب العقول ، فلا يصح بيع مالا منفعة تترتب عليه من الأعيان النجسة والمتنجسة مما لا يقبل التطهير ، وقد تقدم البحث في جملة من هذه الأشياء ، كالعذرات والأبوال والسباع والميتة والكلاب وآلات اللهو وهياكل العبادة ونحو ذلك. والاخبار المتعلقة بها ، وتحقيق القول فيها ، في المقدمة الثالثة من مقدمات هذا الكتاب.
وملخص الكلام فيها : ان كل ما كان له نفع محلل مقصود للعقلاء فإنه يجوز بيعه والتجارة فيه ، الا ما قام الدليل على خلافه.
قالوا : لا يصح بيع ما لا منفعة فيه من الخنافس والعقارب ونحوهما ، وفضلات الإنسان كشعره وأظفاره ورطوباته ، لعدم عد شيء من ذلك مالا عرفا وشرعا ، وعدم