يظهر لك ايضا حمل خبر البراء الذي نقله ، على المؤمن أيضا ، لقوله فيه «من تتبع عورة أخيه» إذ لا اخوة بين المؤمن والمخالف ، كما عرفت.
وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه تعالى ورسوله ، وبين من كفر بالأئمة ـ عليهمالسلام ـ؟ مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين بنص الآيات والاخبار الواضحة الدلالة كعين اليقين.
ورابعا : ان ما استند اليه من ورود الأخبار الدالة على تحريم الغيبة بلفظ «المسلم» ففيه :
أولا : انك قد عرفت ان المخالف كافر ، لاحظ له في الإسلام بوجه من الوجوه ، كما حققناه في كتابنا «الشهاب الثاقب».
وثانيا : مع تسليم صحة إطلاق الإسلام عليه ، فالمراد به : انما هو منتحل الإسلام ، كما تقدمت الإشارة اليه ، والمراد هنا : انما هو الإسلام بالمعنى الأخص ، وهو المؤمن الموالي لأهل البيت ـ عليهمالسلام.
إذ لا يخفى وقوع إطلاق الإسلام على هذا المعنى في الآيات والروايات ، ومنه : قوله تعالى «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ» (١) وقوله عزوجل ـ في حق الأئمة ـ : «هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ» (٢) وقوله «فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (٣).
كما ان الايمان يطلق أيضا تارة على الإسلام بالمعنى الأعم ، كقوله عزوجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا» (٤) فان المخاطبين هم المقرون بمجرد اللسان ، أمرهم بالايمان بمعنى التصديق. وإطلاق المسلم بالمعنى الذي ذكرنا في الاخبار أكثر كثير ، كما لا يخفى على من له أنس بالاخبار.
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٩.
(٢) سورة الحج : ٧٨.
(٣) سورة الذاريات : ٣٦.
(٤) سورة النساء : ١٣٦.