بكون الحبة من الحنطة لا يجوز المعاملة عليها لعدم الانتفاع بها ، انما جرى على الغالب ، لا على هذا الفرض النادر الذي ذكره ، والأحكام الشرعية ـ كما تقدم في غير مقام ، ولا سيما في كتب العبادات ـ انما يبنى الإطلاق فيها على الافراد المتكررة الوقوع المتعارفة الدوران لا على الفروض النادرة التي ربما لا تقع بالكلية ، وان جاز فرضها ، وان ما ذكره من الفرض المذكور معارض بما هو معلوم قطعا من أحوال الناس ، فإنه قد ينتشر من الإنسان الحنطة والأرز ونحوهما فيجمع منه ما يعتد به وينتفع به ويبقى في الأرض منه حبات كثيرة ويعرض عنها ويتركها لعدم ما يترتب عليها من النفع لقلتها بل لو تعرض لجمع تلك الحبات ولقطها من الأرض لنسب إلى الجهالة والحماقة وقلة العقل ، لما ارتسم في قلوب العقلاء إن الأليق بذوي المروات هو الاعراض عن مثل ذلك ، وان خلافه عيب عندهم ، وهذا أمر معلوم مجزوم به عادة.
المسألة الثانية
من الشرائط : ان يكون العوضان مملوكين لمن له البيع والشراء ، وهو ظاهر عقلا ونقلا ، إذ لا معنى لبيعه ما ليس له ، ولا الشراء بما ليس له ، بان يتوجه العقد الى تلك الأعيان.
وانما قيدناه بما ذكرنا ، احترازا عما لو وقع البيع والشراء في الذمة ، ودفع ذلك عوضا عما في الذمة ، فإن البيع والشراء صحيح ، حيث انه لم يقع على تلك العين غير المملوكة ولا بها ، وانما وقع على شيء في الذمة ، فغاية ما يلزم هو حصول الإثم بدفع المال غير المملوك ثمنا أو مثمنا ، والا فالبيع صحيح كما هو ظاهر ، الا ان الشيخ قال في النهاية : من غصب غيره مالا واشترى به جارية ، كان الفرج له حلالا وعليه وزر المال ، ولا يجوز ان يحج به فان حج به لم يجزه عن حجة الإسلام. انتهى.