«إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني» (١).
وما قيل أيضا : أعمالكم عمالكم. وبه يزول الاشكال من هذا المجال والله العالم.
الفائدة الثالثة
قد دلت جملة من الاخبار المتقدمة على ان الواجب هو التعرض للرزق ولو بالجلوس في السوق ، متعرضا لذلك والله سبحانه مسبب الأسباب ، يسوق اليه رزقه ، إذا كان جلوسه عن نية صادقة وتوكل على الله سبحانه وثيق ، فإنه تعالى هو الرزاق ، واما ما يفعله بعض أبناء هذا الزمان من شغل فكره وبدنه بالسعي في التحصيل والكدح والحيل ونحوها ليستغرق أوقاته ويشتغل بها عن اقامة الطاعات والمحافظة على السنن والواجبات ولا يبالي بتحصيله من وجوه الحلال كان أو من الشبهات أو المحرمات ، فهو من تسويلات الشيطان الرجيم ، وفعله الذميم.
ويعضد ما قلناه ما تقدم مما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي حمزة الثمالي عن ابى جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجة الوداع : «الا ان الروح الأمين نفث في روعي انه لا يموت نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله عزوجل وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق ان تطلبوه بشيء من معصية الله ، فان الله تبارك وتعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما ، فمن اتقى الله عزوجل وصبر آتاه الله برزقه من حله ، ومن هتك حجاب الستر وعجل فأخذه من غير حله ، قص به من رزقه الحلال ، وحوسب عليه يوم القيامة» (٢).
وبمضمونه أخبار عديدة وفي بعضها : «لو كان العبد في جحر لأتاه الله رزقه» (٣).
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٢٧٦ حديث : ٣١.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٨٠ حديث : ١.
(٣) الكافي ج ٥ ص ٨١ حديث : ٤ والجحر : الغار البعيد الغور. وهو بتقديم الجيم المفتوحة.