أقول : والذي
وقفت عليه من الاخبار في هذا المقام ، ما رواه
في الكافي عن
عروة بن عبد الله ، عن ابى جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يتلقى أحدكم تجارة ، خارجا من المصر ، ولا يبيع
حاضر لباد ، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض . وروى الشيخ الطوسي في مجالسه بسنده عن جابر ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يبيع حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من
بعض .
ولا يبعد ان
يكون الخبر المذكور من طريق العامة ، لأن أكثر رجاله منهم.
وعن يونس بن
يعقوب قال : تفسير قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا يبيعن حاضر لباد» : أن الفاكهة وجميع أصناف الغلات ، إذا حملت من القرى
الى السوق ، فلا يجوز ان يبيع أهل السوق لهم من الناس ، بل ينبغي ان يبيعه حاملوه
من القرى والسواد. فاما من يحمل من مدينة إلى مدينة فإنه يجوز ، ويجرى مجرى
التجارة.
وأنت خبير بان
ظاهر هذا الخبر تخصيص ما ذكره صلىاللهعليهوآله في الحديثين الأولين بالفاكهة وجميع أصناف الغلات. إذا
حملت من القرى ، وهو خلاف ما عليه الأصحاب من العموم في هذا الحكم ، الا ان ظاهر
الخبر المذكور انما هو من كلام يونس ، فيهون الاشكال.
ومن ذهب من
أصحابنا إلى التحريم أخذ بظاهر النهي في الحديثين الأولين.
ومن ذهب الى
الكراهة ، اعتمد على الأصل ، ورد الخبرين بضعف السند ، وحملهما على الكراهة تفاديا
من طرحهما.
وقد ذكر
الأصحاب في تحريمه أو كراهته شروطا :
أحدها : ان
يكون الحاضر عالما بورود النهى. وهذا شرط يعم جميع المناهي. الثاني : ان يظهر من
ذلك المتاع سعر في البلد ، فلو لم يظهر ، اما لكبر البلاد ، أو لعموم وجوده ، ورخص
السعر ، فلا تحريم ولا كراهة. لأن المقتضي للنهي تفويت الربح
__________________