في ذلك تحريما وكراهة. فذهب الشيخ وجماعة إلى التحريم والمشهور بين المتأخرين : الكراهة. قال في المسالك ـ بعد ان نقل عن النبي صلىاللهعليهوآله ، انه قال : لا يسوم الرجل على سوم أخيه ـ : وهو خبر معناه النهى ، والأصل في النهي التحريم. فمن ثم ذهب الشيخ وجماعة إلى تحريمه ، واستظهر المصنف الكراهة ، للأصل ، والجهل بسند الحديث. ولو صح تعين القول بالتحريم انتهى.
أقول : والظاهر ان الخبر المنقول في كلامه ـ عليه الرحمة ـ انما هو من الاخبار المتناقلة في كتب الفروع ، غير مسند إلى أصل من الأصول ، ولا الى أحد من الأئمة ـ عليهمالسلام ـ بخلاف الخبر الذي نقلناه عن الفقيه ، فإنه مسند في الكتاب المذكور بجميع ما اشتمل عليه من المناهي. وان ضعف سنده باصطلاحهم ، الا انه من مرويات الفقيه ، التي لها مزية وزيادة على غيرها ، بما ضمنه في صدر كتابه. وكيف كان فإنهم قد صرحوا ـ رضى الله عنهم ـ بأن النهي تحريما أو كراهة ، انما يثبت بعد تراضى الأولين ، صريحا أو ظاهرا ، فلو ظهر ما يدل على عدم الرضا ، وطلب الزيادة ، أو جهل حاله ، لم يتعلق به الحكم المذكور. وهو كذلك ، لأصالة الصحة ، وقوفا في النهى على القدر المتيقن.
إذا عرفت ذلك فاعلم : ان ابن إدريس قال في سرائره ـ ما صورته ـ : قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإذا نادى المنادي على المتاع فلا يزيد في المتاع ، فإذا سكت المنادي زاد حينئذ ان شاء ، وقال في مبسوطه : واما السوم على سوم أخيه فهو حرام ، لقوله عليهالسلام : لا يسوم الرجل على سوم أخيه. هذا إذا لم يكن المبيع في المزايدة ، فإن كان كذلك فلا تحرم المزايدة. وهذا هو الصحيح ، دون ما ذكره في نهايته. لان ذلك على ظاهره غير مستقيم ، لأن الزيادة في حال النداء غير محرمة ، ولا مكروهة. فاما الزيادة المنهي عنها فهي عند الانتهاء وسكون نفس كل واحد من البيعين على البيع ، بعد استقرار الثمن ، والأخذ والشروع في الإيجاب والقبول ، وقطع المزايدة فعند هذه الحال لا يجوز السوم على سوم أخيه انتهى.