وفي آخر عن
أمير المؤمنين عليهالسلام «كم من متعب نفسه مقتر عليه. ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير» .
وبالجملة فإن
الإنسان متى أيقن ان الرزق بيد الله سبحانه وانه قد قسمه من عالم الأزل ، وضمن
إيصاله لصاحبه وانه انما أمره بالطلب والتعرض له من مظانه ، لكي يأتيه كما وعد به
، وقد روى : «الرزق رزقان ، رزق تطلبه ورزق يطلبك» .
وحينئذ فالعاقل
العالم بذلك لا يهم بذلك ولا يشغل فكره ، ولا يتعب ليله ونهاره ، ولا يتجاوز
الحدود الشرعية في طلبه. ولكن الشيطان الرجيم والنفس الامارة ، والجهل بالأحكام
الشرعية والحدود المرعية ، هي السبب في وقوع الناس في شباك الخناس وتضييعهم الدين في طلب هذه الدنيا الدنية ،
فإنهم يرون ان ما يحصلونه انما حصل بجدهم واجتهادهم وحيلهم وافكارهم وسعيهم الليل
والنهار في ذلك ، وهذا هو الداء الذي لا دواء له.
وقد روى في
الكافي عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : «كان أمير المؤمنين عليهالسلام كثيرا ما يقول : اعلموا علما يقينا ، ان الله عزوجل لم يجعل للعبد وان اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت مكابدته
، ان يسبق ما سمى له في الذكر الحكيم ، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته ، ان
يبلغ ما سمى له في الذكر الحكيم.
ايها الناس انه
لن يزداد امرء نقيرا بحذقه ولم ينتقص امرء نقيرا لحمقه ، فالعالم لهذا العامل به
أعظم الناس راحة في منفعته. والعالم لهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرته. ورب
منعم عليه مستدرج بالإحسان اليه ، ورب مغرور من الناس مصنوع له. فأفق أيها الساعي
من سعيك وقصر من عجلتك ، وانتبه من سنة غفلتك» الحديث. .
__________________