الكشّاف (١) مأوّل.
وظاهر كلام العميدي تخصيص هذا التقسيم بالدّال بالوضع لغة ، فلا يشمل المجازات ، وكلام غيره أعمّ ، وهو أقرب ، لأنّ المجازات أيضا تنقسم الى هذه الأقسام ، فإنّ القرائن قد تفيد القطع بالمراد وقد لا تفيد إلّا الظنّ ، وقد يكون مجملا.
ثمّ إنّ كلام القوم هنا لا يخلو عن إجمال ، فإنّ الفرق بين السماء والأرض والأسد بجعل الأوّلين نصا والثالث ظاهرا ، تحكّم بحت ، إذ احتمال التجوّز هو الدّاعي الى ظنّيّة الدّلالة وكون اللّفظ ظاهرا ، وهو قائم في السماء والأرض كما لا يخفى ، إذ ليس هذا التقسيم بالنظر الى الوضع الأفرادي (٢) ، فإنّ القطع فيه وعدم القطع ، إنّما هو من جهة ثبوت اللّغة بالتواتر والآحاد ، وبعد الثّبوت ، فالتقسيم إنّما هو بالنظر الى الوضع التركيبي وفي إفادة المراد من اللّفظ في الكلام المؤلّف كما لا يخفى ، فكما يجوز احتمال المجاز في إطلاق الأسد في قولك : رأيت أسدا بإرادة الرّجل الشجاع وينفى بأصالة الحقيقة ، فكذلك يجوز في قولك : انظر الى السماء وانظر الى الأرض ، بإرادة مطلق الفوق والتّحت كما لا يخفى. فالتمثيل بالسّماء والأرض كما وقع من الشارح الجواد ليس في محلّه ، ولعلّه غفل عن مراد شيخنا البهائي بتمثيله بقوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٣) والفرق واضح (٤).
__________________
(١) ١ / ٦١١.
(٢) إذ إنّ لتقسيم اللّفظ الى القطعي وعدمه بالنظر الى الوضع الأفرادي مقام ، ولتقسيمه الى النص وغيره بالنظر الى الوضع التركيبي مقام آخر ، وكلامه إنّما هو في الثاني.
(٣) البقرة : ٢٥٥ ، النساء : ١٧١ ، يونس : ٦٨ ، ابراهيم : ٢ ، طه : ٦ ، الحج : ٦٤ ، سبأ : ١.
(٤) يعني الفرق بين التمثيل بالسماء والأرض كما هو للفاضل الجواد ، والتمثيل بقوله ـ