وأمّا اقتضاء ذلك تخصيص الأمر بالنّهي والحكم بالبطلان دون العكس ، فكلّا (١) ، فإنّ قول الشّارع : صلّ ، مطلق ، والأمر يقتضي الإجزاء في ضمن كلّ ما صدق عليه المأمور به كما مرّ.
وقوله : لا تغصب ، أيضا مطلق يقتضي حرمة كلّ ما صدق عليه أنّه غصب ، والقاعدة المبحوث عنها (٢) بعد استقرارها على عدم الجواز ، لا يقتضي إلّا لزوم إرجاع أحد العامّين الى الآخر ، فما وجه تخصيص الأمر والقول بالبطلان كما اختاروه ، بل لنا أن نقول : الغصب حرام ، إلّا إذا كان كونا من أكوان الصلاة ، كما تقول : الصلاة واجبة ، إلّا إذا كانت محصّلة للغصب.
ولذلك ذهب بعض المتأخرين (٣) الى الصحّة مع القول بعدم جواز الاجتماع في أصل المسألة ، ويؤيّده (٤) بعض الأخبار الدالّة على أنّ للناس من الأرض حقّا في الصلاة (٥) ، فلا بدّ من الرّجوع الى المرجّحات الخارجيّة.
وقد ذكروا في وجه ترجيح النّهي وجوها.
__________________
(١) هذا الردع إشارة الى أنّه ليس كذلك.
(٢) وهي قاعدة قبح اجتماع الأمر والنهي.
(٣) لأجل كون الأمر مخصّصا لعموم النهي ، ذهب بعض المتأخرين الى القول بصحة الصلاة مثلا إذا أوقعها المكلّف في الدّار الغصبي مع قوله جواز اجتماع الأمر والنهي.
وقيل : انّ هذا البعض هو الملا محمد هادي بن محمد صالح المازندراني وقيل : هو صاحب «الوافية» على ما في بعض الحواشي. راجع «الوافية» : ص ٩٧.
(٤) أي ويؤيد قول بعض المتأخرين.
(٥) ومثل قوله تعالى : (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ) الأعراف ١٢٨ ، وما ورد من أنّ الأرض مهر لفاطمة الزهراء عليها صلوات الله وسلامه. «كشف الغمّة» : ١ / ٤٧٢ ، «المختصر» : ص ١٣٣.