قانون
اختلفوا في جواز إرادة أكثر من معنى من معاني المشترك في إطلاق واحد على أقوال.(١)
وتحقيق الحق في ذلك يتوقّف على بيان مقدّمات :
الأولى : أنّ المشترك حقيقة في كلّ واحد من معانيه ، وقد عرفت أنّ الحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له ، أي فيما عيّن الواضع اللّفظ للدلالة عليه بنفسه في اصطلاح به التخاطب ، وقيد الاستعمال مبنيّ على اعتبار الاستعمال في الحقيقة ، والقيد الثاني لإخراج المجاز ، فإنّ دلالته على المعنى ليس بنفسه ، بل إنّما هو من جهة القرينة.
وأمّا المشترك ، فإنّه وإن كان قد عيّن في كلّ وضع للدلالة على المعنى بنفسه ، لكنّ الإجمال وعدم الدّلالة إنّما نشأ من جهة تعدّد الوضع ، فالقرينة في المشترك إنّما هي لأجل تعيين أحد المعاني المدلول عليه إجمالا ، لا لنفس الدّلالة. فإنّ الدلالة حين الإطلاق حاصلة إجمالا ، لكنّها غير معيّنة حتى تنصب القرينة ، بخلاف المجاز ، فإنّا إذا علمنا من قرينة أنّ المعنى الحقيقي غير مراد ، فنتوقّف في المعنى المراد حتى يعيّن بقرينة اخرى ، ولا يتحقّق لنا من نفسه شيء لا إجمالا ولا
__________________
(١) فذهب إلى عدم جوازه أبو هاشم وأبو الحسين البصري وجماعة مثل مالك وأبو حنيفة وأبو الحسن الكرخي والغزالي والرازي والجويني وآخرين ، والمحقّق الحلّي على تفصيل عند بعضهم. وذهب إلى جوازه الشافعي والقاضي أبو بكر وأبو عليّ الجبّائي والقاضي عبد الجبّار ، والعلّامة والسيّد المرتضى والشيخ حسن على تفصيل عند بعضهم.