اختصاصه بحالة الإمكان ، ومع وجود الصّارف عن فعل المأمور به لا يمكن التوصّل إليه بترك الضّد.
وفيه : ما لا يخفى ، إذ اختيار الصّارف بالاختيار لا ينفي إمكان تركه ، واختيار الفعل والتوصّل إليه بالمقدّمة كما في تكليف الكافر بالعبادة ، فكما انّه مكلّف بأصل الواجب مكلّف بإتيان ما يتوصّل إليه على القول بوجوب المقدّمة ، وقد مر في المقدّمة الثانية ما ينفعك هنا.
وقد أجيب أيضا : بأنّ دليل القول بوجوب المقدّمة لو سلّم فإنّما يسلّم في حال إرادة الفعل ، وإذا كان له صارف فلا يريد الفعل فلا يلزم تكليف ما لا يطاق أو خروج الواجب عن الوجوب.
وفيه : أنّه يدلّ على الوجوب في حال إمكان الإرادة ولا يشترط فعليّتها.
نعم وجودها لا بدّ أن يكون في حال الإرادة فهو غير محل النزاع.
ويظهر ما ذكرنا ايضا من التأمّل في المقدّمة الثانية (١).
الثاني : أنّ فعل الضدّ مستلزم لترك المأمور به المحرّم ، والمستلزم للمحرّم محرّم (٢).
وقد أجيب (٣) : بأنّ الاستلزام إن أريد به محض المقارنة في الوجود وعدم الانفكاك في الوجود الخارجي فنمنع الكبرى ، وإلّا لثبت قول الكعبي بانتفاء المباح.
__________________
(١) حيث ذكر في أواخرها أنّ المقدمة ما لو فعل الواجب كان موقوفا عليه ، وعدم وجود الواجب وعدم التأثير في الوجود في الخارج وفي نظر المكلّف لا يضرّ.
(٢) نقله في «المعالم» : ص ١٨٩.
(٣) وهذا الجواب لصاحب «المعالم» فيه ص ١٩٠ ـ ١٩١ ولكن مع تصرّف وتلخيص في العبارة من المصنّف.