تنبيه
قال في «المعالم» (١) : يستفاد من تتبّع تضاعيف أحاديثنا المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام ، أنّ استعمال صيغة الأمر في النّدب كان شائعا في عرفهم ، بحيث صار من المجازات الرّاجحة المساوي احتمالها من اللّفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجّح الخارجي ، فيشكل التعلّق في إثبات وجوب أمر بمجرّد ورود الأمر به عنهم (٢) ، وتبعه بعض من تأخّر عنه ، كصاحب «الذخيرة» (٣).
ويرد عليه : أنّ هذا إنّما يصحّ إذا ثبت استعمالهم في الندب بلا قرينة حالية أو لفظيّة ، ونفهم إرادة النّدب من دليل آخر ولم يثبت.
وأيضا قد عرفت أنّ المجاز الرّاجح رجحانه إنّما هو مع قطع النّظر عن الوضع ، وأمّا معه فمساواته مع الحقيقة ممنوع إلّا إذا غلب في المجاز ، بحيث يصير وضعا جديدا ، فيصير حقيقة في المعنى الثاني ، وأنّى له بإثباته فيما نحن فيه ، مع أنّه لم يدّعه أيضا.
والحاصل ، أنّ مجرّد كثرة الاستعمال في المعنى المجازي لا يوجب الخروج عن الحقيقة وإن كان الاستعمال في غاية الكثرة ، بل وأكثر من استعماله في الحقيقة
__________________
(١) في بحث الأوامر تحت عنوان فائدة ص ١٤٠. وقد علّق الوحيد على هذا بقوله : وفيه نظر ، لأنّ الأصل البقاء على المعنى اللّغوي حتّى يثبت خلافه وبمجرّد كثرة الاستعمال لا يثبت. كما في «الفوائد» ص ١٥٨.
(٢) في نسخة «المعالم» منهم عليهمالسلام.
(٣) ومن المواضع التي سلك فيها هذا المسلك في بحثه في وجوب غسل المسّ حكي عنه في «الحدائق» : ١ / ١١٥ ، وطعن عليه أشدّ الطعن.