وأورد عليه (١) ، أوّلا : بالنّقض بقوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٢) و : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها)(٣) ونحو ذلك.
وفيه : أنّ الحزب والأمّة في الآيات قد اعتبرت منفردة منفردة ، ولم يعتبر فيه للأحزاب المتداخلة باعتبار مفهوم الجزئيّة حكم على حدة ، وهكذا في الأمّة ، فاليهود أمّة ، والنصارى أمّة ، والمجوس أمّة ، وإن كان يصدق على كلّ واحد من أصناف اليهود أمّة أيضا (٤) ، وهكذا غيرهم.
وثانيا : بالحلّ ، وهو أنّه إن أريد بالتكرار أنّ من يحكم بإكرام العلماء لا بدّ أن يلاحظ ثبوت الحكم للثلاثة مرارا متعدّدة فهو باطل جزما.
وإن أريد أنّه لا بد أن يكون الحكم ثابتا له في نفس الأمر مرارا متعدّدة بحسب مقتضى اللّفظ مع أنّه ليس كذلك ، فهو أيضا ممنوع.
وإن أريد أنّ لنا أن نعتبر دخول الثلاثة في الحكم باعتبارات ، فلا يضرّ على أنّه يجوز أن يشترط حينئذ عدم تداخل الجماعات وأجزائها ، لئلّا يلزم التكرار المذكور ، فاعتبار العموم بالنسبة الى كلّ فرد فرد إنّما يكون مع إبطال الجمعيّة ، واعتباره بالنسبة الى كلّ واحد من الجموع مع بقائه على حالته الأصلية من اعتبار الجميعة ، والظاهر أنّه ايضا يفيد عموم الأفراد ضمنا.
وأمّا اعتباره بالنسبة الى المجموع من حيث المجموع فلا يفيد ذلك (٥) ، فيصحّ
__________________
(١) أي على ايراد استلزام التكرار.
(٢) المؤمنون : ٥٣.
(٣) الاعراف : ٣٨.
(٤) وكان من الأبلغ أن يقول : ولو كان يصدق على المجموع أمة أيضا.
(٥) أي عموم الأفراد ضمنا.