أولى ؛ لأنّ عليّا عليهالسلام كان وقت البعثة صغيرا ، فكان كالولد الصغير الذي يكون في البيت ، ومعلوم أنّ إقدامه على التصديق لا يفيد مزيد قوّة وشوكة.
أمّا أبو بكر فإنّه كان رجلا كبيرا في السنّ ، كبيرا في المنصب ، فإقدامه على التصديق يفيد مزيد قوّة وشوكة في الإسلام ، فكان حمل اللفظ على أبي بكر أولى » (١).
فإنّ مزيد الشوكة لا ربط له بالأولوية المذكورة ؛ لأنّ التصديق فرع المعرفة والتقى لا الشوكة ؛ ولذا مدح الله سبحانه من جاء بالصدق وصدّق به : بالتقوى (٢) ، فقال : ( أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (٣).
ومن المعلوم أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أقرب إلى المعرفة والتقوى من أبي بكر ، فإنّه لم يعبد صنما قطّ ، خلافا لقومه ، وعبدها أبو بكر مدّة من عمره ؛ وطهّره الله سبحانه من الرجس ، ولم يطهّر أبا بكر ؛ وصلّى مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبع سنين قبل أبي بكر وغيره (٤).
ولا منافاة بين الصغر وبين المعرفة والكمال ؛ ولذا دعاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الإسلام وهو صبيّ ، فكان أخصّ الناس به وأطوعهم له ، وجعله خليفته ووزيره عند ما جمع عشيرته الأقربين في أوّل البعثة ودعاهم إلى الإسلام (٥) ، كما سيجيء.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ٢٨٠ المسألة الثانية.
(٢) انظر : تفسير الطبري ١١ / ٦.
(٣) سورة الزمر ٣٩ : ٣٣.
(٤) انظر : مسند أحمد ١ / ٩٩ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٤٠ ح ١٧٦٧ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١ ح ٤٥٨٥.
(٥) انظر : مسند أحمد ١ / ١١١ و ١٥٩ و ٣٣١ ، مسند البزّار ٢ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٤٥٦ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢٤١ ح ٢٨٣٦.