الدين والحوزة.
على أنّ الله سبحانه قد شهد لمن جاء بالصدق ، ولمن صدّق به ، بالتقوى على الإطلاق ، فقال في تتمّة الآية : ( أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) ، وهو يقتضي العصمة ، ولا معصوم مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غير عليّ عليهالسلام بالإجماع ، فيكون هو الإمام ؛ لما سبق من اشتراط العصمة بالإمام (١).
ولا ينافي دلالته على العصمة قوله تعالى بعد هذه الآية : ( لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَالَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٢) ؛ إذ ليس المراد ب ( أَسْوَأَالَّذِي عَمِلُوا ) هو المحرّمات ؛ لعصمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جزما ، بل المراد أسوأه عند قومهم ، فإنّ الله سبحانه يكفّره (٣) ؛ أي يغطّيه عنهم بنصرهم على الكافرين ، وإحسانهم إليهم ، وإظهار شرفهم وفضلهم ؛ ولذا قال تعالى في الآية التي بعدها : ( أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ... ) (٤).
وأمّا ما نسبه الفضل إلى الجماهير ، فكذب عليهم ؛ ولذا لم يذكره الزمخشري في « الكشّاف » ، وهو حقيق بذكره لو كان قولا لجماهيرهم ، لا سيّما وهو في فضل أبي بكر ، ولم يذكره أيضا غيره ممّن اطّلعنا على تفسيره.
__________________
(١) راجع ج ٤ / ٢٠٥ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٣٤ و ٣٥.
(٣) كفر الشيء كفرا وكفّره : ستره ، وأصل الكفر : تغطية الشيء تغطية تستهلكه! ومنه سمّي الكافر كافرا ؛ لأنّه مغطّى على قلبه ؛ انظر : تاج العروس ٧ / ٤٥٠ مادّة « كفر ».
(٤) سورة الزمر ٣٩ : ٣٦.