سبق بيانه في الآية الأولى (١).
وممّا ذكرنا يعلم ما في مطالبة ابن تيميّة بصحّة حديث ابن عبّاس ، وإشكاله عليه بلزوم نبوّة عليّ عليهالسلام ، وأشكل عليه أيضا بصغر سنّ ابن عبّاس قبل الهجرة (٢).
وفيه ـ مع أنّ صغر مثله غير ضائر ـ : إنّه يحتمل قريبا صدور ما رواه ابن عبّاس حين الفتح ، أو في حجّة الوداع.
وأشكل عليه أيضا بما حاصله : إنّكم قلتم : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا بهذا الدعاء عند تصدّق عليّ بخاتمه ، فنزل قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... ) الآية ، وذلك بالمدينة ، فإذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا به قبل ذلك بمكّة ، وقد استجيب له ، فأيّ حاجة إلى الدعاء به ثانيا بالمدينة؟! (٣).
وفيه : إنّ تكرّر الدعاء إنّما وقع لإظهار فضل عليّ عليهالسلام وبيان إمامته مكرّرا ؛ تأكيدا للحجّة.
على أنّ كلامه يقتضي أن لا يتكرّر من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعاء بالغفران والرحمة والهداية ونحوها ، فلا يتكرّر منه في الصلوات قوله تعالى : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) (٤) ، بل لا يقع منه الدعاء بمثل تلك الأمور أصلا ؛ لعلمه بتحقّقها.
ولو لا طلب الإحاطة في الجملة ، لقبح بنا التعرّض لكلام هذا ومثله.
واعلم ، أنّ هذه الآية الشريفة وإن لم يكن لنزولها دخل بأمير
__________________
(١) انظر : ج ٤ / ٣٠٥ من هذا الكتاب.
(٢) انظر : منهاج السنّة ٧ / ٢٧٤.
(٣) انظر : منهاج السنّة ٧ / ٢٧٥.
(٤) سورة الفاتحة ١ : ٦.