لأنّ من كان حبّه إيمانا ، وبغضه نفاقا وكفرا ، لا بدّ أن يكون متّصفا بأصل من أصول الدين الذي يشترط في الإيمان الإقرار به ، إذ ليس المدار في الإيمان والنفاق على ذات الحبّ والبغض ، بل على ما يلزمهما عادة من الإقرار بخلافته المنصوصة وإنكارها ، فإنّ من أبغضه أنكر إمامته عادة ، فيكون بإظهار الإيمان منافقا ، ومن أحبّه قال بإمامته ، إذ لا داعي له لإنكارها بعد اتّضاح ثبوتها بالكتاب والسنّة.
ولا ينافي المدّعى ما رواه القوم من أنّ حبّ الأنصار إيمان وبغضهم نفاق (١) ، فإنّه لو صحّ كان مفاده أنّ حبّهم وبغضهم إيمان ونفاق لنصرتهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّ الأنصار وصف ، وتعليق الحكم بالوصف مشعر بالحيثية ..
وهذا بخلاف تعليق الحكم بعليّ عليهالسلام ، فإنّه ليس لوصف النصرة ، بل لذاته الشريفة ، ويلزمه أنّ المنشأ هو الإمامة لا النصرة ، وإلّا لعاد الأمر إلى الإيمان بالنبيّ وعدمه ، ولم يكن لعليّ دخل ، وهو خلاف ظاهر الحديث.
* * *
__________________
(١) صحيح البخاري ١ / ١٨ ح ١٦ ، صحيح مسلم ١ / ٦٠ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٦٩ ح ٣٩٠٠ ، سنن النسائي ٨ / ١١٦ ، مسند أحمد ٣ / ٧٠ و ١٣٠.