ولم يقل : أخذ من آدم من ظهره ذرّيّته (١) ..
وبمخالفته لظواهر آيات أخر ..
كقوله تعالى : ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) (٢) (٣) ؛ فإنّه لو صحّ أخذ الميثاق على الذرّ لكانت الموتات ثلاثا ؛ لأنّ أخذ الميثاق عليه يتوقّف على حياته ، ولا ريب بموته بعد ذلك ؛ إذ لا يمكن القول باستمرار حياته إلى هذا العالم الحاضر ؛ لشهادة الوجدان بعدم الحياة للنطفة والعلقة والمضغة ، فهذه موتة ..
والثانية : موتة الدنيا ، وقبلها حياة ..
والثالثة : موتة القبر ، وبعدها حياة.
وكقوله تعالى : ( خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ) (٤) ؛ فإنّه ظاهر في خلق بني آدم من الماء الحادث ، وإنّه أصلهم ، لا الذرّ (٥) ، كما إنّ أصل آدم هو الطين ، الذي هو مبدأ خلق الإنسان (٦).
واستدلّوا أيضا بمخالفته للعقل من وجوه :
منها : إنّ أخذ الميثاق إنّما يصحّ من العاقل ، ولو كان الذرّ ممّن يعقل لما نسيه الناس كلّهم ، وبهذا يبطل القول بالتناسخ ..
__________________
(١) مجمع البيان ٤ / ٣٥٨ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥١ الحجّة الثانية.
(٢) سورة غافر ٤٠ : ١١.
(٣) تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٣ الحجّة الحادية عشرة.
(٤) سورة الطارق ٨٦ : ٦.
(٥) انظر : تفسير القرطبي ٢٠ / ٥.
(٦) بدلالة قوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) سورة المؤمنون ٢٣ : ١٢ ؛ انظر : تفسير القرطبي ١٢ / ٧٣ و ٧٤ ، مجمع البيان ٧ / ١٦٠ ، الكافي ٢ / ٢٨ ـ ٣٠ ح ١ ـ ٣.