إليها. ووقع آزر بأهله ، فعلقت بإبراهيم ـ عليه السّلام ـ. فظنّ أنّه صاحبه ، فأرسل إلى نساء من القوابل في ذلك الزّمان لا يكون في الرّحم شيء إلّا علمن (١) به. فنظرن ، فألزم الله ـ عزّ وجلّ ـ ما في الرّحم الظّهر. فقلن : ما نرى في بطنها شيئا. وكان فيما أوتي من العلم أنّه سيحرق بالنّار ، ولم يؤت علم أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ سينجّيه.
قال : فلمّا وضعت أمّ إبراهيم ، أراد آزر أن يذهب به إلى نمرود ليقتله.
فقالت له امرأته : لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله ، دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتّى يأتي عليه أجله ، ولا تكون أنت الذي تقتل ابنك.
فقال لها : فامضي به.
قال : فذهبت به إلى غار ، ثم أرضعته ، ثمّ جعلت على باب الغار صخرة ، ثمّ انصرفت عنه.
قال : فجعل الله ـ تبارك وتعالى ـ رزقه في إبهامه ، فجعل يمصّها فيشخب (٢) لبنها.
وجعل يشبّ في اليوم ، كما يشبّ غيره في الجمعة. ويشبّ في الجمعة ، كما يشبّ غيره في الشّهر. ويشبّ في الشّهر ، كما يشبّ غيره في السّنة. فمكث ما شاء الله أن يمكث.
ثمّ أنّ أمّه قالت لأبيه : لو أذنت لي حتّى أذهب إلى ذلك الصَّبي فعلت.
قال : فافعلي (٣) ففعل.
فذهبت ، فإذا هي بإبراهيم ـ صلّى الله عليه وآله ـ وإذا عيناه تزهران كأنّهما (٤) سراجان.
قال : فأخذته فضمّته إلى صدرها وأرضعته ، ثمّ انصرفت عنه.
فسألها آزر عنه.
فقالت : قد واريته في التّراب.
فمكثت تفعل ، فتخرج في الحاجة فتذهب إلى إبراهيم ـ عليه السّلام ـ فتضمّه
__________________
(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : علموا.
(٢) يشخب : أي يسيل.
(٣) كذا في المصدر. وفي «ج» : نفعل. وفي سائر النسخ : ففعل.
(٤) المصدر : كأنّها.